قراءة في أعمال الأديب عبدالله خليفة

نشر عبدالله خليفة في عام 1975 مجموعته القصصية الأولى «لحن الشتاء» التي تلامس موضوعات سياسية تتصل بالكفاح من أجل الاستقلال. وفي نفس العام تم اعتقاله حيث بقي في المعتقل مدة ست سنوات. وفي السنوات التالية حتى يومنا الحالي نشر سلسلة من الكتب تتضمن روايات وقصصاً قصيرة.

ترجمة: مهدي عبدالله**

المقالات

مرحبًا بك في عالم من الإمكانيات اللانهائية، حيث الرحلة مثيرة تمامًا كالوصول، وحيث كل لحظة فرصة لتحقيق إنجازك.

  • قصـــــــصٌ قصـــــــــيرةٌ لـ عبـــــــدالله خلـــــــيفة

    المقالات General articles The_Roots_of_Capitalism_among_the_Arabs​ Abdullah_Khalifa The_Qarmatians .. Historical Roots Abdullah_Khalifa : Domesticated Creatures Abdullah_Khalifa : What is the rope of God? Abdullah_Khalifa : Our simple, humble man Abdullah_Khalifa : Iran between siege and heritage Abdullah_Khalifa : The Russian State and Dictatorship  Abdullah Khalifa: Dance and its social implications Abdullah_Khalifa : My throat is filled with fire for my homeland Abdullah_Khalifa Farewell, friend of jasmine Abdullah_Khalifa : Patriots, not sectarian Abdullah_Khalifa Re-producing the…

  • كريستين هانا (Kristin Hannah)، الروائية الامريكية المعروفة، تكتب عن عبدالله خليفة

    اليوم 10/21/ الذكرى لــ 11  لوفاة عبـــــــدالله خلـــــــيفة في رسالة بعثتها الى موقع عبـــــــدالله خلــــــــيفة مرحبا  أنا كريستين هانا، مؤلفة كتاب «النساء»، و«العظيم وحده» و«العندليب» وأكثر من عشرين رواية أخرى تستكشف الحب والشجاعة ومرونة الروح البشرية. بدأت رحلتي في الكتابة قبل وقت طويل من أي قوائم من أكثر الكتب مبيعا أو تعديلات للأفلام.  بدأ الأمر…

  • الـسفـــــرـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ: لـ عبـــــــدالله خلــــــــيفة

    الـسفـــــر ــ قصةٌ قصـــــــيرةٌ الحي القديم يتفتحُ بدروبهِ الضيقة اللتوية، كالأيام والأنام ، أحجارهُ تآكلت وتساقطت قشرتها ، وتحولت غيرانها ملاجئ للهوام .بيوتٌ متراكمة فوق بعضها ، تتشاجرُ ضلوعها وأبوابها ، قميئة ، كالحشائش الفطرية الذابلة ، قماماتها حدائقٌ للذباب ، ومسامُ دروبها تنزف هياكل وفئرانٌ وأشباحٌ ومجانين وغرباء .في أيامهِ ، كان هذا الحيُ…

  • الخــــــروج _ قصةٌ قصيرةٌ : لــ عبدالله خليفة

    المقالات الخــــــروج ⇜ قصةٌ قصيرةٌ انتشى وهو يصعدُ السلم ، صعدَ قمةٍ شاهقةٍ ولمسَ السحبَ وذاقَ المطر . الدنيا صيفٌ والشمسُ تنورٌ متجولٌ . صعدَ وابتسم وود لو يقفزُ إلى الشارع البعيد ويقبل أخاه ويغرقان في احتساءِ هرمٍ من العلب ذات المياه الفضية . هل سيحضنهُ؟ هل سيراهُ أم يبقى وحيداً ؟سمعَ نداءات السجناء الأخيرة…

  •  المذبحة ــ قصةٌ قصيرةٌ : لـ عبـــــــدالله خلــــــــيفة

    المقالات المذبحة ⬅ قصةٌ قصيرةٌ كان يوماً رائعاً، جميلاً، إذ هبت نسمات منعشة فوق الوجوه، وتطاير الغبار في مكان ما، وأهتزت أشجار، وكأن ذلك الفرن المشتعل قد توقف فجأة، وأنفتح الباب لصباح رقيق، كثيف النور.أحسن عاشور بكل العالم بين يديه، وهو يصل إلى سطح خزان الماء. أحتضن الهواء، وأمتلك ببصره كل آفاق البحر الواسعة، الزرقاء،…

  • الشاب فيصل | كاتب | قارئ من السعودية

    ⬅ اسم الكتاب: اللآلئالمؤلف: عبدالله خليفةالصفحات: 124 يكتب عبدالله خليفة الروائي البحريني المعروف، روايته الأولى، مُنكّهةً برائحة البحر، والغوص، وصيد اللؤلؤ، الذين كان تجارة عظيمة في البحرين والكويت وسواحل الخليج العربي عموماً، ما بارت إلا عند ظهور اللؤلؤ الصناعي، يكتب هذه الرواية متلمساً الماء، واللآلئ رزق الجزيرة الصغيرة الوفير، حيث تدور أحداث العمل حول موسم…

  • رواية مريم لا تعرف الحداد: ملاحظات وانطباعات

    بقلم القارئ علي عيسى من البحرين الكاتب والروائي عبدالله خليفة كاتب قدير معروف وهو احد اقطاب القصة القصيرة في البحرين؟ وكان هذا الكاتب المعروف في قصصه السابقة يعني بالدرجة الاولى بالإنسان؟ فالإنسان يحظى عنده بالمرتبة الاولى من الاهتمام.وفي هذه المرة طلع علينا كاتبنا برواية (مريم لا تعرف الحداد) التي كرسها لخدمة الإنسان وإبراز ما يعانيه…

  • رواية الينابيع مفهوم الحرية

    ترجل الفارس العنيد، ذلك البحريني القادم من اليسار البعيد، ترجل عن صهوة آلامه وأحزانه وترك حروبه ومواجهاته وخلد للسلام والراحة في عالم اللحود. رحل عبدالله خليفة في هدوء لا يليق بثورته وفي صفاء يتوافق مع أحلامه.

  • رواية الينابيع لـ عبـــــــدالله خلـــــــيفة

    كتب فيصل عبدالحسنرصد الروائي عبدالله خليفة في روايته الينابيع التي صدرت قبل وفاته بشهور قليلة تاريخ البحرين ابتداء من القرن الثامن عشر، والتاسع عشر وانتهاء بأيام الهاتف النقال الحالية، وجعل خليفة بطله محمد العوّاد مدخلاً لعصر التنوير، وبداية لتاريخ التدخل الأوربي المباشر في شؤون المنطقة العربية ومنها البحرين .ومن البديهيات المعروفة أن كل بلد في…

  • المتن الشعري في رواية الينابيع للروائي عبـــــــدالله خلــــــــيفة

    كتب : وجدان الصائغ إذا كان الخطاب الشعري المعاصر قد استجلب وبوعي منه التقنيات السردية ليخلق له هيكلية شعرية جديدة يتماهى فيها الشعري بالسردي نائياً بذلك عن الغنائية المباشرة ، فان الخطاب السردي (القصصي والروائي) لم يكن بمنأى عن الترسيمات الجغرافية الجديدة لحدود الأجناس الأدبية وعبر تفكيكه البنية التحتية للنص السردي واعادة صياغتها مستثمراً إمكانات…

  1. الغرباء ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ  
  2. لحن الشتاء ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ 
  3. نجمة الخليج ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ  
  4. الطائر ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  5. الفتاة والأمير – قصةٌ قصـــــــيرةٌ 
  6. علي بابا واللصوص ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  7. شجرة الياسمين ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  8. العوسج ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  9. المصباح ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  10. الصورة ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  11. اللقــــاء ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  12. لعبة الرمـل ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  13. الأحجار ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  14. الدرب ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  15. أماه أين أنت ؟ ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  16. الجــد ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  17. سهـرة ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  18. الطــوفـــــــــــان ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  19. خميس ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  20. هذا الجســد لــك ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  21. هذا الجســد لــي ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  22. أنا وأمي ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  23. الأصنــــــــــــــــــــــــــام ـ قصةٌ قصـــيرة
  24. التــــــــــــرانيم ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  25. دهشة الساحــــــــر ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  26. نجمة الصباح ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  27. ياقوت ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  28. جنون النخيل ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  29. رجب وأمينة ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  30. عند التلال ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  31. الأم والموت ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  32. طائـران فـوق عـرش النار ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  33. سيد الضريح ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  34. أطيــــــــــــــاف ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  35. رؤيـــــا ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  36. الكســـــيحُ ينــــــهض ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  37. مكي الجني ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  38. الخنفساء ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  39. حادثة تحت المطر ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  40. الطائر الأصفر ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  41. مقامة التلفزيون ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  42. مقامات الشيخ معيوف ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  43. انطولوجيا الحمير ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  44. ناشرٌ ومنشورٌ ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  45. الحـــــــيُّ والميـــــتُ ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  46. تحقيــــقٌ ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  47. غليــانُ المياه ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  48. أنشودة الصقر ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  49. إنهم يهزون الأرض! ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  50. گبگب الخليج الأخير ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  51. جزرُ الأقمار السوداء ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  52. وراء البحر… ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  53. المذبحة ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  54. الحب هو الحب ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  55. إمرأة ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  56. إعدام مؤلف ـــ مسرحية من فصل واحد  
  57. الضمير ــ قصة قصيرة 
  58. معصومـــــة وجلنارـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ
  59. البحر يموج في أغلب أعماله ـ عبدالله خليفة: علامة 
  60. إعادة تشكيل الأسطورة الشعبية في ساعة ظهور الأرواح
  61. التجريب في ساعة ظهور الأرواح
  62. الماء والنار وما بينهما ..
  63. قراءة في أعمال الأديب عبدالله خليفة
  64. لحن الشتاء وآفاق ربيع مفعم بالشجن
  65. جماليات المكان في مجموعة «سيد الضريح»
  1. المقالات العامة
  2. #جذور_الرأسمالية_عند_العرب
  3. #عبدالله_خليفة #القرامطة .. الجذور التاريخية
  4. #عبدالله_خليفة : كائنات مستأنسة
  5. #عبدالله_خليفة : ما هو حبل الله؟
  6. #عبدالله_خليفة : إنساننا البسيط المتواضع
  7. #عبدالله_خليفة : إيران بين الحصارِ والتراث
  8. #عبدالله_خليفة : الدولةُ والدكتاتوريةُ الروسية
  9. #عبدالله_خليفة : الرقص ودلالاته الاجتماعية
  10. #عبدالله_خليفة : حلقي مليءٌ بالنارِ على وطني
  11. #عبدالله_خليفة وداعاً صديق الياسمين
  12. #عبدالله_خليفة وطنيون لا طائفيين
  13. #عبدالله_خليفة إعادة إنتاج العفاريت
  14. #عبدالله_خليفة الماركسية الأديان
  15. #عبدالله_خليفة الإنتاجُ الفكري وضياعُهُ
  16. #عبدالله_خليفة الانتهازيون والفوضويون
  17. #عبدالله_خليفة تلاقي المستغِلين فوقَ التضاريس
  18. #عبدالله_خليفة عدم التطور الفكري وأسبابه
  19. #عبدالله_خليفة: تطورات الرأسمالية الحكومية الروسية
  20. (علمية) فيورباخ وتوابعهُ
  21. ‏‏‏‏‏‏مكونان لا يلتقيان
  22. ‏‏عبـــــــدالله خلــــــــيفة: أفــق ـ مقالات 2008
  23. ‏‏عبـــــــدالله خلــــــــيفة: قراءة جديدة لظاهرات الوعي العربي
  24. ‏‏عبـــــــدالله خلــــــــيفة: بلزاك: الروايةُ والثورةُ
  25. ‏‏عبـــــــدالله خلــــــــيفة: تنوير وتحديث نجيب محفوظ
  26. ‏‏عبـــــــدالله خلــــــــيفة: دوستويفسكي: الروايةُ والاضطهادُ
  27. ‏‏عبـــــــدالله خلــــــــيفة: صراع الطوائف أم صراع الطبقات؟
  28. 𝓐𝖇𝖉𝖚𝖑𝖑𝖆 𝓚𝖍𝖆𝖑𝖎𝖋𝖆 𝓦𝖗𝖎𝖙𝖊𝖗 𝒶𝓃𝒹 𝓝𝖔𝖛𝖊𝖑𝖎𝖘𝖙
  29. في الأزمة الفكرية التقدمية: عبـــــــدالله خلــــــــيفة
  30. قناةُ الجزيرةِ وتزييفُ الوعي العربي
  31. قد بيان الحداثة لــ أدونيس
  32. قصة الأطفال عند إبراهيم بشمي
  33. قصص من دلمون
  34. كتاب ايديولوجي لعبدالله خليفة
  35. كريستين هانا
  36. لينين في محكمةِ التاريخ
  37. لينين ومغامرة الاشتراكية
  38. من أفكار الجاحظ الاجتماعية والفلسفية
  39. من ذكرتنا الوطنية عبدالله خليفة
  40. موقع عبـــــــدالله خلــــــــيفة على You Tube
  41. ماجستير الأدب البحريني ـ آثار عبدالله خليفة
  42. ماركس الرمزي وشبحية دريدا
  43. مبارك الخاطر: الباحث الأمين المسؤول عن بقاء الضوء في الماضي
  44. محمود أمين العالم والتغيير
  45. محمد أمين محمدي : كتب – عبدالله خليفة
  46. مراجعة للعنف الديني
  47. مراجعةٌ للعنفِ الديني
  48. مستويات السرد .. الدلالة والسياق عبـــــــدالله خلــــــــيفة
  49. مسرحية وطن الطائر
  50. مسرحية الأطفال عند علي الشرقاوي
  51. نموذجانِ مأزومان
  52. نحن حبات البذار
  53. نحن حبات البذار عبدالله خليفة
  54. هل حقاَ رحل صاحب القلب الأبيض؟
  55. وهي قد تكسرُ البشرَ وخاصة المبدعين والمثقفين!
  56. وعي محمود إسماعيل
  57. وعي الظاهر والباطن
  58. وعبادةُ النصوص
  59. يوسف يتيم : دراسة تطبيقية لرواية الجذوة على ضوء المنهج الواقعي
  60. يحيى حقي: كتب – عبدالله خليفة
  61. أيوب الإنسان: عبـــــــدالله خلــــــــيفة
  62. أخوان الصفا
  63. أدب السجون: إجابة على أسئلة جريدة الوطن
  64. أدب الطفل في البحرين
  65. أزمة اليسار
  66. أسلوب القصة عند الجاحظ في (البخلاء)
  67. أسلوب الإنتاج الكولونيالي أو رأس المال الحـكومـي الشـــــــــرقي
  68. أسباب الانتهازية في اليسار
  69. إنتاجُ وعيٍ نفعي مُسيَّس
  70. إحترام تاريخ اليسار – كتب: عبدالله خليفة
  71. الفكرة ونارها: عبـــــــدالله خلــــــــيفة
  72. القائد والمناضل عبـــــــدالله خلـــــيفة ‏‏‏‏‏‏ مفكراً وأديباً وروائياً بحرانياً
  73. الكلمة من أجل الإنسان
  74. الليبرالية في البحرين
  75. المفكر اللبناني كريم مروة
  76. المنبتون من الثقافة الوطنية
  77. المذاهب الإسلامية والتغيير كتب: عبـدالله خلــيفة
  78. المرأة والإسلام
  79. الولادة العسيرة لليسار الديمقراطي الشرقي
  80. الوعي والمادة
  81. الوعي الجدلي في رسالة الغفران لأبي العلاء المعري
  82. اليسار في البحرين
  83. اليسار في البحرين والانتهازية
  84. اليسار والميراث الديني
  85. اليسار البحريني يخسر «عفيفه الأخضر»
  86. الأعمال الصحفية الكاملة. أفـــــق، 2024
  87. الإسلام السياسي كمصطلح غربي
  88. الانتهازية الفكرية عبـــــــدالله خلــــــــيفة
  89. الاتجاهات المثالية في الفلسفة العربية الاسلامية.
  90. البطل الشعبي بين الماضي والحاضر
  91. التحرير تبقى عاليا ومضية كتب عبدالله خليفة
  92. التضحوي والاستغلالي
  93. التطور الفلسفي العربي الحديث المبكر .. عبــدالله خلــيفة
  94. الحدثُ الأوكراني ودلالاتُهُ الديمقراطية
  95. الحربائيون
  96. الرواية الخليجية لم تتجذر في الأرض بعد
  97. السودان بحاجة إلى الديمقراطية والسلام
  98. الساقطون واللاقطون ــ كتب : عبـــــــدالله خلـــــــيفة
  99. الصحراويون والزرع
  100. الطبقة العاملة الهندية في البحرين
  101. العناصر الفكرية في الشيوعية العربية
  102. انتصار للطبقة العاملة في العالم بتنصيب الرئيس لولا دي سيلفا رئيسا للبرازيل
  103. اتحاد الكتاب العرب في سورية| ينعي الأديب البحريني عبـــــــدالله خلــــــــيفة ‏‏‏‏‏‏
  104. بيع كتب ومؤلفات عبـــــــدالله خلــــــــيفة
  105. تكويناتُ الطبقةِ العاملةِ البحرينية : عبـــــــدالله خلــــــــيفة
  106. تناقضات الماركسية – اللينينية
  107. تآكل التحديثيين ونتائجه
  108. تجاوز الشللية والقرابية ــ كتب: عبـــــــدالله خلـــــــيفة
  109. تحدياتُ الحداثة في الوعي الديني
  110. تحدياتُ العلمانية البحرينية
  111. تداخلات جبهة التحرير والمنبر الديمقراطي – كتب: عبدالله خليفة
  112. تعريف العلمانية
  113. تعريف العلمانية عبدالله خليفة
  114. ثقافة الانتهازية: كتب – عبـــــــدالله خلــــــــيفة
  115. جمعية التجديد الإسلامية
  116. جورج لوكاش … تحطيم العقل !
  117. جبهة التحرير الوطني البحرينية باقية والمنبر التقدمي شكلٌ مؤقت وعابر
  118. جذور الرأسمالية عند العرب
  119. حكمٌ دستوري وإلهٌ عادلٌ
  120. حوار مع الكاتب عبدالله خليفة: المؤلف الجيّد عاجز عن الوصول الى الناس
  121. حوار مع عبدالله خليفة
  122. حوار المفكر العلماني صادق جلال العظم
  123. رفاق الطريق
  124. رفعت السعيد والسرد السياسي
  125. روسيا ودعم الدكتاتوريات
  126. روسيا الدكتاتورية
  127. رأس المـــال الحـكومــــي الشـــرقي ــ أو أسلوب الإنتاج الكولونيالي
  128. سردية الانكسار والانتصار في رواية  «التماثيل»: عبدالله خليفة
  129. صراع الطوائف والطبقات في فلسطين : كتب-عبدالله خليفة
  130. ضيعة الكتب ضيعة كبيرة. أصدقاء الكاتب لا يعرفون عناوين كتبه.
  131. طفوليةُ الكلمةِ الحارقة
  132. طفوليةُ الكلمةِ الحارقة : عبدالله خليفة
  133. ظهور المادية الجدلية: كتب- عبدالله خليفة
  134. علي الشرقاوي
  135. عودةُ الحداثيين لطوائفهم
  136. عبـــــــدالله خلــــــــيفة
  137. عبـــــــدالله خلــــــــيفة .. الفكرُ المصري ودورُهُ التاريخي
  138. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : «الكلمة من أجل الإنسان»
  139. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : في الأزمة الفكرية التقدمية
  140. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : فيلم الشاب كارل ماركس
  141. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : فالح عبدالجبار
  142. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : فصيلٌ جديدٌ لا يعترفُ بالحداثة وقوانينها
  143. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : قانون الإنتاج المطلق
  144. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : كلمة من أجل الكاتب
  145. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : كاتب أدبيات النضال
  146. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : لماذا يموتُ الشعرُ؟!
  147. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : لولا تخاذل الحداثيين ما جاء الطائفيون
  148. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : لويس أرمسترونغ ــ موسيقى الحياة الوردية
  149. عبدالله خليفة: ملاحظات حول مجموعة ــ الفراشات لأمين صالح
  150. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : من أفكار الجاحظ الاجتماعية والفلسفية
  151. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : من ذاكرتنا الوطنية
  152. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : منعطفٌ تاريخي للعرب ‏‏
  153. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : ميراث شمولي
  154. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : نقادٌ مذعورون
  155. عبدالله خليفة: نجيب محفوظ من الرواية التاريخية إلى الرواية الفلسفية
  156. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : نضال النساء في البحرين
  157. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : و(الفولاذ) بعناه!
  158. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : وردة الشهيد
  159. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : أفـــق ـ مقالات 2010
  160. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : أن تكتب الأدب في السجن
  161. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: أسباب تمكن الحركات الطائفية من الاختراق
  162. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : أشكال الوعي في البنية العربية التقليدية
  163. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : إنّهُ المثقفُ العضوي!
  164. عبدالله خليفة: إعادة تشكيل الأسطورة الشعبية في ساعة ظهور الأرواح
  165. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : الفقه والدكتاتورية المنزلية
  166. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : الفنون في الأديان
  167. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : القصة القصيرة الطلقة
  168. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : الكلمة من أجل الإنسان ــ كارل ماركس
  169. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : الكائنُ الذي فقدَ ذاته
  170. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : الكتابة وظروفها إجابة على أسئلة
  171. عبدالله خليفة: المناضل والأديب والإنسان ــ تقديم المحامي عبدالوهاب أمين
  172. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : المنبتون من الثقافة الوطنية
  173. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : المثقفون العاميون
  174. عبدالله خلـيفة : المجموعة القصصية ــ ضــــوء المعتــــــــزلة
  175. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : المرأة بين السلبية والمبادرة
  176. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : النساء وضعف الخبرة السياسية
  177. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : اليهودُ من التراث إلى الواقع
  178. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : اليسارُ الديمقراطي واليسارُ المغامر
  179. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : الأفكار والتقدم
  180. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : الأديان والماركسية
  181. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : الإصلاحيون الإيرانيون
  182. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : البنية والوعي
  183. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : البناء الفلسفي في أولاد حارتنا
  184. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : البرجوازية والثقافة
  185. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : التفككُ الثقافي
  186. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : التبعية للدينيين
  187. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : الثقافة والمثقفون البحرينيون
  188. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : الثلاثة الكبار
  189. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : الثورية الزائفة لمحطة الجزيرة
  190. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : الحداثة مشروعان فقط
  191. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : الدكتور عبدالهادي خلف مناضل أم ساحر؟
  192. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : الدين والفلسفة عند ابن رشد
  193. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : الرموزُ الدينيةُ والأساطير
  194. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : الرهان على القلم
  195. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : الراوي في عالم محمد عبدالملك القصصي
  196. عبـــــــدالله خلــــــيفة: الساقطون واللاقطون ــ المنبر اللاتقدمي مثالاً
  197. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : الشاعر الكبير يوسف حسن و زهرة الغسق
  198. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : العقل والحريــــــــــــة
  199. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : العلوم والإنتاج والفلسفة
  200. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : العمل والعمال والمصنع
  201. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : العناصر الفكرية في الشيوعية العربية
  202. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : العائلة والديمقراطية
  203. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : تنوير نجيب محفوظ
  204. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : تآكل الماركسية أم الماركسيين؟
  205. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : تآكلُ الماركسيةِ في البحرين
  206. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : تسلقُ البرجوازية الصغيرةِ الديني
  207. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : تطورٌ حديثٌ حقيقي
  208. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : تعدد الزوجات والحرية
  209. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : ثقافةُ الديمقراطيةِ المتكسرة
  210. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : جورج لوكاش وتحطيم العقل
  211. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : جذور العنف في الحياة العربية المعاصرة
  212. عبـــــــدالله خلــــــــيفة : حكاية أديب
  213. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: خفوتُ الملاحم
  214. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: رموز الأرض
  215. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: روحُ الأمة!
  216. : رأس المال الحكومي الشرقي – الطبقة العاملة في البحرين
  217. عبدالله خليفة : شقة راس رمان التي عاش فيها 21 عاماً وتوفى فيها.
  218. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: صراع الطوائف والطبقات في فلسطين
  219. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: ظهور المادية الجدلية
  220. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: علم الحشرات السياسية
  221. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: عن الديمقراطية
  222. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: عالم قاسم حداد الشـعري
  223. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: عبادةُ الشخوص
  224. عبـــــــدالله خلــــــــيفة كيف تلاشتْ النصوصُ الحكيمة؟
  225. عبـــــــدالله خلــــــــيفة كاتب وروائي
  226. عبـدالله خلـــيفة الأعمال الكاملة القصصية والرواية والتاريخ والنقدية
  227. عبـــــــدالله خلــــــــيفة السيرة الذاتية
  228. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: قناةُ الجزيرةِ وتزييفُ الوعي العربي
  229. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: كلنا إسلام سياسي!
  230. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: لينين في محكمةِ التاريخ
  231. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: أفكار سياسية دينية
  232. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: ألفُ ليلةٍ وليلة . . السيرة السحرية
  233. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: أغلفة الكتب
  234. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: النظر بموضوعية في تاريخ الإنسان
  235. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: الوعي الديني والبنية الاجتماعية
  236. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: الأيديولوجيات العربية والعلم
  237. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: الأزمة العقلية للثورة
  238. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: الانتماءُ والغربةُ
  239. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: الباحث عن أفق تنويري عربي
  240. عبـدالله خليفة: البحرين جزيرةُ الحريةِ الغامضةِ في العصر القديم
  241. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: الخيال والواقع في الأديان
  242. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: الرمزيةُ وأهميتُها
  243. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: العصبيةُ والعمرانُ
  244. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: بؤرةُ الوهمِ قديماً وحديثاً
  245. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: بروليتاريا رثةٌ: برجوازيةٌ ضعيفة
  246. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: تفتيتُ المكونات
  247. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: تبعية العلمانيين للدينيين ــ جذورها ونتائجها
  248. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: تحليلٌ لكلامٍ مغامر
  249. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: تحديث نجيب محفوظ
  250. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: تدهور مكانة المرأة واتساع الرقيق
  251. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: تركيب حضاري
  252. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: تطور الوعي الديني في المشرق القديم
  253. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: ثرثرةُ الوعيِّ اليومي
  254. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: حريات النساء مقياس للديمقراطية
  255. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: دعْ الإنسانَ حراً
  256. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: رؤيتان للدين
  257. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: سبينوزا والعقل
  258. عبـــــــدالله خلــــــــيفة: سذاجةٌ سياسيةٌ
  259. عبـــــــدالله خلــــــــيفة(تفتيتُ المكونات)
  260. عبـــــــدالله خلـــــــيفة : مسيرة نوال السعداوي
  261. عبـــــدالله خلــــــــيفة : اليسارُ والتكويناتُ الاجتماعية الدينية
  262. عبــداللـه خلـــــيفة . . الأقلف والبحث عن الذات
  263. عبــدالله خلـــــيفة .. مقاربة الشعر الجاهلي
  264. عبــدالله خلـــــيفة : قراءة لــ طه حسين
  265. عبــدالله خلـــــيفة : قراءة لـــ إسماعيل مظهر 
  266. عبــدالله خلـــــيفة : وعي النهضة لدى الطهطاوي
  267. عبــدالله خلـــــيفة : وعي النهضة عند سلامة موسى
  268. عبــدالله خلـــــيفة: إبراهيم العُريّض ــ الشعر وقضيته
  269. عبــدالله خلـــــيفة: المثقف العربي بين الحرية والاستبداد
  270. عبـدالله خلــيفة: عرضٌ ونقدٌ عن أعماله
  271. عبد الله خليفة: كانت الكلمات عاجزة عن البوح
  272. عبدالله خليفة
  273. عبدالله خليفة «الساعةُ آتيةٌ لا ريبَ فيها»
  274. عبدالله خليفة.. كي لا يُدفن مرتين !
  275. عبدالله خليفة : وحدة الماضي والمستقبل
  276. عبدالله خليفة : الاشتراكية والمستقبل
  277. عبدالله خليفة : البحرين في بدء التحديث
  278. عبدالله خليفة : التنوير الاجتماعي عند فرح أنطون
  279. عبدالله خليفة : التنوير الرومانتيكي عند جبران خليل جبران
  280. عبدالله خليفة : العقل والديمقراطية في وعي جورج طرابيشي
  281. عبدالله خليفة : بوخارين ومصير روسيا
  282. عبدالله خليفة : تنوير لويس عوض
  283. عبدالله خليفة : تنوير يعقوب صروف
  284. عبدالله خليفة : صراع اليسار واليمين في الإسلام
  285. عبدالله خليفة : صراع الطوائف أم صراع الطبقات؟
  286. عبدالله خليفة – الأعمال القصصية
  287. عبدالله خليفة – الأعمال القصصية – المجلد السابع
  288. عبدالله خليفة – الأعمال النقدية – المجلد الثامن
  289. عبدالله خليفة – الأعمال التاريخية
  290. عبدالله خليفة – الأعمال الروائية – المجلد السادس
  291. عبدالله خليفة قبل رحيله: المحن مؤذيةٌ وصعبة
  292. عبدالله خليفة كل الأشجار
  293. عبدالله خليفة من أجل الشعب اولا
  294. عبدالله خليفة نفعية في الكتابة
  295. عبدالله خليفة وقضية المرأة في الرواية الخليجية
  296. عبدالله خليفة يكتب عن نجيب محفوظ
  297. عبدالله خليفة أحد أهم الكتاب المخلصين لتجربتهم الفكرية
  298. عبدالله خليفة أزمة اليسار
  299. عبدالله خليفة إشكالية البحر والواقع
  300. عبدالله خليفة المخادعون
  301. عبدالله خليفة الوعيُّ القرآني قفزةٌ نوعي
  302. عبدالله خليفة الأعمال الكاملة
  303. عبدالله خليفة الأعمال الكاملة الروائية والقصصية والتاريخية والنقدية
  304. عبدالله خليفة الأعمال النقدية الكاملة
  305. عبدالله خليفة الأعمال الروائية والقصصية والتاريخية والنقدية الكاملة
  306. عبدالله خليفة الإسلامُ ثورةُ التجار
  307. عبدالله خليفة الجمهورُ و(الغوغاء)
  308. عبدالله خليفة الحلال والحرام في السياسة الراهنة
  309. عبدالله خليفة الرعب من الحب
  310. عبدالله خليفة السحر والدين
  311. عبدالله خليفة العقل والحرية
  312. عبدالله خليفة اسكرايب
  313. عبدالله خليفة جريدة النور
  314. عبدالله خليفة رائد الثقافة التنويرية البحرينية
  315. عبدالله خليفة عن المرأة
  316. عبدالله خليفة.. تحطيم الصورة وتكوينها
  317. عبدالله خليفة… حياته
  318. عبدالله خليفة: في التطورِ العربي العام
  319. عبدالله خليفة: فائض القيمة البحريني
  320. عبدالله خليفة: القحط في زمن النفط
  321. عبدالله خليفة: المسكراتُ وأحوالُ السياسة
  322. عبدالله خليفة: المغامرات اللغوية أبعدت القارئ عن الرواية
  323. عبدالله خليفة: الوعيُّ العربيُّ وتطوراته
  324. عبدالله خليفة: العربُ ونقدُ الواقع
  325. عبدالله خليفة: تنوير تقي البحارنة
  326. عبدالله خليفة: تنوير حسن الجشي
  327. عبدالله خليفة: تناقضات الوعي العربي تاريخياً
  328. عبدالله خليفة: تباين طرقِ التطور العربية
  329. عبدالله خليفة: شيعةُ العربِ ليسوا صفويين
  330. عبدالله خليفة: صراعاتُ الوعي العربي تاريخياً
  331. عبدالله خليفة: ضعفُ العقلِ النقدي
  332. عبدالله خليفة: فائض القيمة والاقتصاد السبعيني
  333. عبدالله خليفة: عبيب «مأكول خيره»..!
  334. عبدالله خليفة: عبدالناصر كإقطاعي
  335. عبدالله_خليفة الثلاثة الكبار
  336. عبدالرحمن بدوي
  • General articles
  1. #The_Roots_of_Capitalism_among_the_Arabs​
  2. #Abdullah_Khalifa #The_Qarmatians .. Historical Roots
  3. #Abdullah_Khalifa : Domesticated Creatures
  4. #Abdullah_Khalifa : What is the rope of God?
  5. #Abdullah_Khalifa : Our simple, humble man
  6. #Abdullah_Khalifa : Iran between siege and heritage
  7. #Abdullah_Khalifa : The Russian State and Dictatorship
  8. # Abdullah Khalifa: Dance and its social implications
  9. #Abdullah_Khalifa : My throat is filled with fire for my homeland
  10. #Abdullah_Khalifa Farewell, friend of jasmine
  11. #Abdullah_Khalifa : Patriots, not sectarian
  12. #Abdullah_Khalifa Re-producing the Goblins
  13. #Abdullah_Khalifa Marxism Religions
  14. #Abdullah_Khalifa Intellectual Production and its Loss
  15. #Abdullah_Khalifa Opportunists and Anarchists
  16. #Abdullah_Khalifa encounters exploiters across the terrain
  17. #Abdullah_Khalifa : Lack of intellectual development and its causes
  18. # Abdullah Khalifa: Developments in Russian State Capitalism
  19. ( Scientific) Feuerbach and his followers
  20. Two incompatible components
  21. Abdullah Khalifa: Horizons – Articles 2008
  22. Abdullah Khalifa: A New Reading of the Phenomena of Arab Consciousness
  23. Abdullah Khalifa: Balzac: The Novel and the Revolution
  24. Abdullah Khalifa: Enlightening and Modernizing Naguib Mahfouz
  25. Abdullah Khalifa: Dostoevsky: The Novel and Persecution
  26. Abdullah Khalifa: Sectarian conflict or class conflict?
  27. 𝓐𝖇𝖉𝖚𝖑𝖑𝖆 𝓚𝖍𝖆𝖑𝖎𝖋𝖆 𝓦𝖗𝖎𝖙𝖊𝖗 𝒶𝓃𝒹 𝓝𝖔𝖛𝖊𝖑𝖎𝖘𝖙    
  28. On the progressive intellectual crisis: Abdullah Khalifa
  29. Al Jazeera and the distortion of Arab consciousness
  30. Adonis’s statement on modernity
  31. Children’s stories by Ibrahim Bashmi
  32. Stories from Dilmun
  33. An ideological book by Abdullah Khalifa
  34. Christine Hannah
  35. Lenin in the court of history
  36. Lenin and the Adventure of Socialism
  37. Some of Al-Jahiz’s social and philosophical ideas
  38. Abdullah Khalifa, our national hero.
  39. Abdullah Khalifa’s website YouTube
  40. Master’s Degree in Bahraini Literature – Works of Abdullah Khalifa
  41. Marx’s symbolism and Derrida’s spectral nature
  42. Mubarak Al-Khater: The trustworthy researcher responsible for preserving the light in the past
  43. Mahmoud Amin, the world and change
  44. Mohammed Amin Mohammedi: Written by Abdullah Khalifa
  45. A review of religious violence
  46. A review of religious violence
  47. Levels of Narration: Meaning and Context – Abdullah Khalifa
  48. The Bird’s Homeland play
  49. Children’s play by Ali Sharqawi
  50. Two problematic models
  51. We are the seeds
  52. We are the seeds of Abdullah Khalifa
  53. Has the kind-hearted man truly passed away?
  54. It can break people, especially creative and intellectual individuals.!
  55. Mahmoud Ismail’s awareness
  56. awareness of the apparent and the hidden
  57. And the worship of texts
  58. Youssef Yatim: An Applied Study of the Novel “The Ember” in Light of the Realistic Approach
  59. Yahya Haqqi: Written by Abdullah Khalifa
  60. Job the Human: Abdullah Khalifa
  61. Brethren of Purity
  62. Prison Literature: An Answer to Questions from Al-Watan Newspaper
  63. Children’s literature in Bahrain
  64. The crisis of the left
  65. The storytelling style of Al-Jahiz in (The Misers))
  66. The colonial mode of production or Oriental state capital
  67. Reasons for opportunism on the left
  68. Producing utilitarian, politicized awareness
  69. Respecting the history of the left – Written by: Abdullah Khalifa
  70. The Idea and Its Fire: Abdullah Khalifa
  71. Leader and activist Abdullah Khalifa, a Bahraini thinker, writer, and novelist
  72. The word for humanity
  73. Liberalism in Bahrain
  74. Lebanese thinker Karim Mroue
  75. Rooted in national culture
  76. Islamic Schools of Thought and Change, by Abdullah Khalifa
  77. Women and Islam
  78. The difficult birth of the Eastern democratic left
  79. Consciousness and matter
  80. Dialectical consciousness in Abu al-Ala al-Ma’arri’s Epistle of Forgiveness
  81. The left in Bahrain
  82. The left in Bahrain and opportunism
  83. The Left and the Religious Heritage
  84. Bahraini left loses Afifa Al-Akhdar»
  85. The Complete Journalistic Works. Horizon, 2024
  86. Political Islam as a Western term
  87. Intellectual Opportunism – Abdullah Khalifa
  88. Idealist trends in Arab-Islamic philosophy.
  89. The folk hero between the past and the present
  90. Liberation remains high and bright, wrote Abdullah Khalifa
  91. Sacrificial and exploitative
  92. Early Modern Arab Philosophical Development… Abdullah Khalifa
  93. The Ukrainian event and its democratic implications
  94. chameleons
  95. The Gulf novel has not yet taken root.
  96. Sudan needs democracy and peace.
  97. The Fallen and the Pickers Up – Written by: Abdullah Khalifa
  98. Desert dwellers and agriculture
  99. The Indian working class in Bahrain
  100. Intellectual elements in Arab communism
  101. A victory for the working class worldwide with the inauguration of President Lula da Silva as President of Brazil.
  102. The Arab Writers Union in Syria mourns the passing of Bahraini writer Abdullah Khalifa.
  103. Selling books and writings by Abdullah Khalifa
  104. The Compositions of the Bahraini Working Class: Abdullah Khalifa
  105. Contradictions of Marxism-Leninism
  106. The erosion of modernization and its consequences
  107. Overcoming favoritism and nepotism – Written by: Abdullah Khalifa
  108. Challenges of modernity in religious consciousness
  109. Challenges facing Bahraini secularism
  110. Interventions of the Liberation Front and the Democratic Platform – Written by: Abdullah Khalifa
  111. Definition of secularism
  112. Definition of secularism by Abdullah Khalifa
  113. The Culture of Opportunism: Books – Abdullah Khalifa
  114. Islamic Renewal Society
  115. Georg Lukács… The Destruction of Reason !
  116. The Bahraini National Liberation Front remains, while the Progressive Tribune is a temporary and transient entity.
  117. The roots of capitalism among the Arabs
  118. Constitutional rule and a just God
  119. Interview with writer Abdullah Khalifa: A good author is unable to reach people
  120. Interview with Abdullah Khalifa
  121. Dialogue with secular thinker Sadiq Jalal al-Azm
  122. companions on the road
  123. Rifaat al-Saeed and the political narrative
  124. Russia and its support for dictatorships
  125. Dictatorship Russia
  126. Eastern state capital – or the colonial mode of production
  127. The Narrative of Defeat and Triumph in the Novel “The Statues”: Abdullah Khalifa
  128. Sectarian and class conflict in Palestine: Written by Abdullah Khalifa
  129. The book market is vast. The author’s friends don’t know the titles of his books..
  130. The childishness of the burning word
  131. The childishness of the burning word: Abdullah Khalifa
  132. The Emergence of Dialectical Materialism: Written by Abdullah Khalifa
  133. Ali Al-Sharqawi
  134. The return of modernists to their sects
  135. Abdullah Khalifa
  136. Abdullah Khalifa: Egyptian Thought and its Historical Role
  137. Abdullah Khalifa: “The word is for the sake of humanity.”»
  138. Abdullah Khalifa: On the Progressive Intellectual Crisis
  139. Abdullah Khalifa: The Young Karl Marx Film
  140. Abdullah Khalifa: Faleh Abduljabbar
  141. Abdullah Khalifa: A new faction that does not recognize modernity and its laws
  142. Abdullah Khalifa: The Law of Absolute Production
  143. Abdullah Khalifa: A word for the writer
  144. Abdullah Khalifa: Writer of resistance literature
  145. Abdullah Khalifa: Why does poetry die?!
  146. Abdullah Khalifa: Had it not been for the inaction of the modernists, the sectarianists would not have come.
  147. Abdullah Khalifa: Louis Armstrong – La Vie en Rose
  148. Abdullah Khalifa: Notes on the collection “Butterflies” by Amin Saleh
  149. Abdullah Khalifa: From Al-Jahiz’s social and philosophical ideas
  150. Abdullah Khalifa: From our national memory
  151. Abdullah Khalifa: A historical turning point for the Arabs
  152. Abdullah Khalifa: A Comprehensive Legacy
  153. Abdullah Khalifa: Terrified Critics
  154. Abdullah Khalifa: Naguib Mahfouz: From Historical Novel to Philosophical Novel
  155. Abdullah Khalifa: The Struggle of Women in Bahrain
  156. Abdullah Khalifa: And we sold (steel).!
  157. Abdullah Khalifa: The Martyr’s Rose
  158. Abdullah Khalifa: Horizons – Articles 2010
  159. Abdullah Khalifa: Writing Literature in Prison
  160. Abdullah Khalifa: Reasons for the ability of sectarian movements to infiltrate
  161. Abdullah Khalifa: Forms of Consciousness in the Traditional Arab Structure
  162. Abdullah Khalifa: He is the organic intellectual!
  163. Abdullah Khalifa: Reshaping the popular myth in the hour of the appearance of spirits
  164. Abdullah Khalifa: Jurisprudence and Domestic Dictatorship
  165. Abdullah Khalifa: The Arts in Religions
  166. Abdullah Khalifa: The Short Story Bullet
  167. Abdullah Khalifa: The Word for Man – Karl Marx
  168. Abdullah Khalifa: The being who lost himself
  169. Abdullah Khalifa: Writing and its circumstances: An answer to questions
  170. Abdullah Khalifa: The Fighter, the Writer, and the Human Being – Presented by Lawyer Abdulwahab Amin
  171. Abdullah Khalifa: Those who are uprooted from national culture
  172. Abdullah Khalifa: Popular Intellectuals
  173. Abdullah Khalifa: The Short Story Collection – The Light of the Mu’tazila
  174. Abdullah Khalifa: Women Between Passivity and Initiative
  175. Abdullah Khalifa: Women and the Lack of Political Experience
  176. Abdullah Khalifa: The Jews: From Heritage to Reality
  177. Abdullah Khalifa: The Democratic Left and the Adventurous Left
  178. Abdullah Khalifa: Ideas and Progress
  179. Abdullah Khalifa: Religions and Marxism
  180. Abdullah Khalifa: Iranian Reformists
  181. Abdullah Khalifa: Structure and Awareness
  182. Abdullah Khalifa: The Philosophical Structure in Children of Gebelawi
  183. Abdullah Khalifa: The Bourgeoisie and Culture
  184. Abdullah Khalifa: Cultural Disintegration
  185. Abdullah Khalifa: Subservience to Religious People
  186. Abdullah Khalifa: Bahraini Culture and Intellectuals
  187. Abdullah Khalifa: The Big Three
  188. Abdullah Khalifa: Al Jazeera’s False Revolutionary Appearance
  189. Abdullah Khalifa: Modernity is only two projects
  190. Abdullah Khalifa: Is Dr. Abdulhadi Khalaf a fighter or a magician?
  191. Abdullah Khalifa: Religion and Philosophy in Ibn Rushd
  192. Abdullah Khalifa: Religious Symbols and Myths
  193. Abdullah Khalifa: Betting on the Pen
  194. Abdullah Khalifa: The Narrator in the World of Muhammad Abdul Malik’s Stories
  195. Abdullah Khalifa: The Fallen and the Pickers Up – The Non-Progressive Platform as an Example
  196. Abdullah Khalifa: The great poet Youssef Hassan and the Twilight Flower
  197. Abdullah Khalifa: Reason and Freedom
  198. Abdullah Khalifa: Science, Production, and Philosophy
  199. Abdullah Khalifa: Work, Workers, and the Factory
  200. Abdullah Khalifa: The Intellectual Elements of Arab Communism
  201. Abdullah Khalifa: Family and Democracy
  202. Abdullah Khalifa: Enlightening Naguib Mahfouz
  203. Abdullah Khalifa: Is it Marxism or Marxists that are eroding?
  204. Abdullah Khalifa: The Erosion of Marxism in Bahrain
  205. Abdullah Khalifa: The Climbing of the Religious Petty Bourgeoisie
  206. Abdullah Khalifa: A truly modern development
  207. Abdullah Khalifa: Polygamy and Freedom
  208. Abdullah Khalifa: The Culture of Fractured Democracy
  209. Abdullah Khalifa: Georg Lukács and the Destruction of Reason
  210. Abdullah Khalifa: The Roots of Violence in Contemporary Arab Life
  211. Abdullah Khalifa: The Story of a Writer
  212. Abdullah Khalifa: The Fading of Epics
  213. Abdullah Khalifa: Symbols of the Earth
  214. Abdullah Khalifa: The Spirit of the Nation!
  215. Abdullah Khalifa: Eastern State Capital – The Working Class in Bahrain
  216. Abdullah Khalifa: The Ras Rumman apartment where he lived for 21 years and where he died.
  217. Abdullah Khalifa: The Conflict Between Sects and Classes in Palestine
  218. Abdullah Khalifa: The Emergence of Dialectical Materialism
  219. Abdullah Khalifa: Political Entomology
  220. Abdullah Khalifa: On Democracy
  221. Abdullah Khalifa: The Poetic World of Qasim Haddad
  222. Abdullah Khalifa: The Worship of Individuals
  223. Abdullah Khalifa: How did the wise texts disappear?
  224. Abdullah Khalifa, writer and novelist
  225. Abdullah Khalifa: Complete Works of Short Stories, Novels, History, and Criticism
  226. Abdullah Khalifa’s Biography
  227. Abdullah Khalifa: Al Jazeera Channel and the Distortion of Arab Consciousness
  228. Abdullah Khalifa: We are all political Islam!
  229. Abdullah Khalifa: Lenin in the Court of History
  230. Abdullah Khalifa: Political and Religious Ideas
  231. Abdullah Khalifa: One Thousand and One Nights… The Magical Biography
  232. Abdullah Khalifa: Book Covers
  233. Abdullah Khalifa: Looking objectively at human history
  234. Abdullah Khalifa: Religious Awareness and Social Structure
  235. Abdullah Khalifa: Arab Ideologies and Science
  236. Abdullah Khalifa: The Intellectual Crisis of the Revolution
  237. Abdullah Khalifa: Belonging and Alienation
  238. Abdullah Khalifa: The seeker of an Arab enlightenment horizon
  239. Abdullah Khalifa: Bahrain, the mysterious island of freedom in ancient times
  240. Abdullah Khalifa: Imagination and Reality in Religions
  241. Abdullah Khalifa: Symbolism and its importance
  242. Abdullah Khalifa: Tribalism and Civilization
  243. Abdullah Khalifa: The epicenter of illusion, past and present
  244. Abdullah Khalifa: A ragged proletariat: a weak bourgeoisie
  245. Abdullah Khalifa: Breaking down the components
  246. Abdullah Khalifa: The subservience of secularists to religious figures – its roots and consequences
  247. Abdullah Khalifa: An Analysis of Adventurous Words
  248. Abdullah Khalifa: Naguib Mahfouz Update
  249. Abdullah Khalifa: The decline in the status of women and the expansion of slavery✶
  250. Abdullah Khalifa: A Civilizational Structure
  251. Abdullah Khalifa: The Development of Religious Consciousness in the Ancient East
  252. Abdullah Khalifa: The Chatter of Everyday Consciousness
  253. Abdullah Khalifa: Women’s freedoms are a measure of democracy
  254. Abdullah Khalifa: Let man be free
  255. Abdullah Khalifa: Two Visions of Religion
  256. Abdullah Khalifa: Spinoza and Reason
  257. Abdullah Khalifa: Political naiveté
  258. Abdullah Khalifa [ Crushing the components]】
  259. Abdullah Khalifa: Nawal El Saadawi’s Journey
  260. Abdullah Khalifa: The Left and Socio-Religious Formations
  261. Abdullah Khalifa: The Uncircumcised and the Search for Self
  262. Abdullah Khalifa… An Approach to Pre-Islamic Poetry
  263. Abdullah Khalifa: A Reading of Taha Hussein
  264. Abdullah Khalifa: A reading by Ismail Mazhar 
  265. Abdullah Khalifa: Al-Tahtawi’s Awareness of the Renaissance
  266. Abdullah Khalifa: The Renaissance Consciousness of Salama Moussa
  267. Abdullah Khalifa: Ibrahim Al-Urayyidh – Poetry and its Cause
  268. Abdullah Khalifa: The Arab Intellectual Between Freedom and Tyranny
  269. Abdullah Khalifa: A presentation and critique of his works
  270. Abdullah Khalifa: Words failed to express
  271. Abdullah Khalifa
  272. Abdullah Khalifa: “The Hour is coming, there is no doubt about it.”“
  273. Abdullah Khalifa… so that he is not buried twice !
  274. Abdullah Khalifa: The Unity of the Past and the Future
  275. Abdullah Khalifa: Socialism and the Future
  276. Abdullah Khalifa: Bahrain is beginning modernization
  277. Abdullah Khalifa: Social Enlightenment in Farah Antoun’s Thought
  278. Abdullah Khalifa: Romantic Enlightenment in the Works of Khalil Gibran
  279. Abdullah Khalifa: Reason and Democracy in the Consciousness of George Tarabishi
  280. Abdullah Khalifa: Bukharin and the Fate of Russia
  281. Abdullah Khalifa: Enlightening Louis Awad
  282. Abdullah Khalifa: Enlightening Yaqoub Sarrouf
  283. Abdullah Khalifa: The Left-Right Conflict in Islam
  284. Abdullah Khalifa: Sectarian conflict or class conflict?
  285. Abdullah Khalifa – Short Stories
  286. Abdullah Khalifa – Short Stories – Volume Seven
  287. Abdullah Khalifa – Critical Works – Volume Eight
  288. Abdullah Khalifa – Historical Works
  289. Abdullah Khalifa – Fictional Works – Volume Six
  290. Abdullah Khalifa before his departure: Trials are painful and difficult
  291. Abdullah Khalifa, all the trees
  292. Abdullah Khalifa: For the people first.
  293. Abdullah Khalifa’s pragmatism in writing
  294. Abdullah Khalifa and the issue of women in the Gulf novel
  295. Abdullah Khalifa writes about Naguib Mahfouz
  296. Abdullah Khalifa is one of the most dedicated writers to his intellectual experience.
  297. Abdullah Khalifa: The Crisis of the Left
  298. Abdullah Khalifa: The Problem of the Sea and Reality
  299. Abdullah Khalifa, the deceivers
  300. Abdullah Khalifa: Quranic awareness is a qualitative leap
  301. Abdullah Khalifa’s Complete Works
  302. Abdullah Khalifa: Complete Works of Novels, Short Stories, Historical Works, and Criticism
  303. Abdullah Khalifa’s Complete Critical Works
  304. Abdullah Khalifa: The Complete Works of Novels, Short Stories, Historical Works, and Criticism
  305. Abdullah Khalifa, Islam, the merchants’ revolution
  306. Abdullah Khalifa, the public and (the mob))
  307. Abdullah Khalifa: Halal and Haram in Current Politics
  308. Abdullah Khalifa, the terror of love
  309. Abdullah Khalifa, the magician and the religious scholar
  310. Abdullah Khalifa, the Caliph of Reason and Freedom
  311. Abdullah Khalifa Scribe
  312. Abdullah Khalifa, Al-Nour Newspaper
  313. Abdullah Khalifa, a pioneer of Bahraini enlightenment culture
  314. Abdullah Khalifa on women
  315. Abdullah Khalifa… Deconstructing and Reconstructing the Image
  316. Abdullah Khalifa… His Life
  317. Abdullah Khalifa: On the general Arab development
  318. Abdullah Khalifa: Bahraini Surplus Value
  319. Abdullah Khalifa: Drought in the Time of Oil
  320. Abdullah Khalifa: Intoxicants and Political Affairs
  321. Abdullah Khalifa: Linguistic adventures distanced the reader from the novel.
  322. Abdullah Khalifa: Arab Consciousness and its Developments
  323. Abdullah Khalifa: Arabs and the Critique of Reality
  324. Abdullah Khalifa: Enlightening Taqi Al-Baharna
  325. Abdullah Khalifa: Enlightening Hassan Al-Jishi
  326. Abdullah Khalifa: Contradictions of Arab Consciousness Historically
  327. Abdullah Khalifa: The Divergence of Arab Development Paths
  328. Abdullah Khalifa: Arab Shiites are not Safavids
  329. Abdullah Khalifa: Conflicts of Arab Consciousness Historically
  330. Abdullah Khalifa: Weakness of Critical Thinking
  331. Abdullah Khalifa: Abdullah Khalifa: Surplus Value and the Seventies Economy
  332. Abdullah Khalifa: Abeeb “whose goodness is consumed””..!”
  333. Abdullah Khalifa: Abdel Nasser as a feudal lord
  334. Abdullah Khalifa, the three greats

Abdul Rahman Badawi

الأم والموت ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ:  لـ عبـــــــدالله خلــــــــيفة

يُقالُ بأن «العدامة» كانت سبخاً ودائرة بعوضٍ وثعابينَ. كان البحرُ يتسربُ إليها، عندما يكتملُ القمرُ يُصاب بالتسمم، فتطفو أسماكه وسرطاناتُه، ولا تقربها حتى النوارس.

ويُقالُ بأن دائرةَ المياهِ المسمومةِ الملعونة كانت قبراً يُغرق فيه اللصوص والقتلة، فتبقى أصواتهم سنوات وهي تغمغم.

وذات يومِ، رُئِيَ عملاقٌ في الماء. شراعٌ أبيضٌ وحمامةٌ. كائنٌ أسمرٌ يمتص الخراف الميتة والأفاعي والأرواح، ويزرعُ تربةً وعلامة.

وتلكَ النطفةُ من الحياة والموتِ غدت عشاً وعشباً وخياماً من الأعضاء والأسماء.

لم يعرفْ أحدٌ العملاقَ، لكن المرأةَ استوطنتْ بقعته وذكراه.

وحينها لم تكن «العدامة» سوى بضعة رجال شاحبين، امتصتهم الأسواقُ والعرباتُ وسجائر الجمل.

وفي ليالٍ غريبة، وبين تلك العششِ المعزولةِ في الماء والسم كانت رقصة وحشية تتكون: نزولٌ مرعبٌ للمرأة وسط دغل الموت والأشباح والأرواح، واهتزازاتٌ هائلة تقذفُ الماءَ والعفاريت والوحشة، وتضعُ طيناً في كل شدق مفتوحٍ للفتك، وتحولُ الجلودَ إلى قربٍ، تطلق موسيقى وتجذب الرجال الخائفين إلى حومة الرقص.

وحينها كانت الأحياء البعيدة، تتطلعُ إلى تلك الأضواء المريبة والأصوات المخيفة، وتتعوذُ من الشيطان الرجيم، وتقول: إنها حفلةٌ أخرى للجن.

لم ينْم أحدٌ معها من الرجال. كانوا يرتعبون من ملامستها.

ذلك الجسدُ الأبنوسي الشاهق ــــ الوجه ذو الأنف الأفطس والبشرة السائحة زيتاً وضوءاً، والعينان الضيقتان المخيفتان ــــ لم يكن أحدٌ قادر على امتلاكه.

وبعد تلك الحفلات الجنيةِ كانت المرأة تحبل.

ولم تكن هناك دهشة في «العدامة»، فحين تلامس في الليل أصابع القتلى التي لاتزال تمسك بسلاسل ورسائل، وتتراءى الثعابين مشغولة في المياه الخضراء، لا تعود تميز بين الخرافة والخبز.

كل طفلٍ منها كان ينمو ويغدو شجرة أو قارباً أو ملاحاً، كل حفلةٍ كانت تصنعُ البشر والشجر والمناديل والفوانيس، وتحيل الحيات إلى ميداليات وضحكات، وكان الرجال المتكاثرون يئزون بالمتع، ويتعتعهم السكر والفخر ويغدون كلهم آباءً، وتمتلئ سواعدهم بشحم الخراف.

وحين لم تعدْ العششُ كافيةً، والمرأةُ البطنُ المفتوحةُ مكروهةٌ، وصار الصغارُ يأكلون الصحون وسفرات الطعام والأغصان وذكريات الأسلاف .

حينها استدعى الرجالُ السحرةَ. أعطوهم عرائش النسيمِ ونوافذ البحر. وتركوهم يسحبون الضوء من المرأة، ويربطون خصرها الجامح بأوتاد الليل، ويقطعون فسائلها الطويلة الممتدة إلى التراب.

والمرأُة التي ظهرتْ محنيةً، بدا أن قامتها صارت أكثر طولاً، وفرحها الصاخُب صارِ أظافرَ تبحثُ عن البذور، وتضع الحطب على كتفيها لتملأ القوارب الْسيف، ثم تخفي دمها، وصوتها..

ثم جاء رجلٌ من الشرق، قصير وصامت، طلع من سفينة ممتلئة بالماعز، وكانت مهنته ذبح الغنم، وكان يبحث عن بيوت الكبار والأعراس، لكي يضع الحيوانات الأليفة تحت فخذيه الصلدين، ثم ينحرُهَا وهو يغمغم بدعائه.

لم يتحدث مع أحد، لم يعاشر المقهى والطبول..

أُدخل على المرأة فربطها بالسرير، واهتزت الأرضُ بضجة عنيفة، ورُئيَ يقذف إلى السقف، وجريد الكوخ يتكسر، ودمه يسيل، لكنه أنجز المهمة، وهَمَدَ كل شيء.

اختفت المياهُ وجداول الضحك، والليلُ الصاخبُ وانفجاراتُ الرقص. وانتفخ بطنُ المرأة بشكل ورمٍ ضخم، ولم يداها مليئتان بالحناء، ولا صوتها شجياً، وكأن جذعها الهائل غدا نخلةً قزمة تضعُ رطبهاَ على الأرض.

لم يحدثْ شيءُ مرعب عندما خرج ابنُها إلى «العدامة». لكن السحرة صاروا أصحاب دكاكين ومآذن وغدت العشش والأكواخ مثل تلال صغيرة قبيحة من الرمال، حولها كلابٌ تنبُح وقمامات تفُح بالذباب.

حينذاك أخذ زوجها خرقة ومضى إلى الغرب حيث ذاب في الأفق، تاركاً ذلك الابن الغريب، سكينه الباقية.

منذ خطواته الأولي في «العدامة» أدرك الناسُ أن القيامة قريبة. لم يتركْ بيضةً إلا سرقها من تحت الدجاج، ولا ضرعاً إلا سحبه في جوفه، ولا خاتماً إلا قطع أصبع صاحبه، ولا خزانة إلا أفرغها في جيوبه، وحتى المومسات اللواتي يعطفن عليه، ويدخلنه في ظلمتهن، كان يُلقي مسحوق الفلفل الأحمر بين أفخاذهن، ويبصق في القدور، ويلهب ظهور الصغار بلسعات سوطه، ولا يدع مصيدة ممتلئة بالسمك، ولا قارباً آمناً في البحر، ولا جنيةً نائمةً في النهار.

كانت المرأة تبحث عنه في الظهائر المشتعلة، وتخرجه من الزنازن وبطون الأسماك النافقة، ومن المزابل، وتضعه على ظهرها حين يتعتعه السكر وتفقد قدماه ملامح الدروب.

وحين شب الحريق في «العدامة» طارت أجساد النسوة محترقة في الفضاء بلحمهن وعباءاتهن، جرته من الفراش، بين الدخان والزيت وقذائف الزجاجات والليمون الأسود، وألقته على التراب البارد، في حين كانت ساقاها وبطنها تسقط لحماً.

اختفت «العدامةُ» وحلت كومة رماد وسواد، ذاب السحرة في المدينة، وفقد الراقصون سيقانهم، وطلعت بيوتٌ قميئة بلا رؤوس.

المرأة التي راحت تزحف على الأرض، تحصد العشب الوحشي في البراري والمقابر، وتوزع الحليب في الفجر، سكنت تحت سلم أحد البيوت العتيقة، باحثة عن ابنها المتواري في شقق القمار وتوزيع الحشيش.

لم يتعب في إيجاد مهنته. ترأس ثلة من الوجوه المرضوضة باللكمات والثآليل، فتكاثرت الأبنية والدكاكين والمساجين حوله.

من يستطيع أن يعرف تلك المرأة الزاحفة، الكتلة المهروسة من الأعضاء والخرق، التي تبلع لقيماتها في العتمة، ويطاردها الصغار بالقشور والحصى، وتنقل ذكرياتها وأحلامها من خرابة إلى حديقة، تندب موتى الإبر والظلام؟

ومن يستطيع أن يعرف هذا الرجل ذا البدلة الأنيقة الجاثم في المقعد الخلفي، يستقبل مكالمات من أنحاء الدنيا، ويقذف دخاناً ثميناً في عربته المتعددة؟

هناك شيء واحد يقلقه. هناك امرأة وحيدة تربطه بالمستنقع والأشباح. وإذا جاء صوتها متغلغلاً في ذرات الهواء، مخلخلاً الأجهزة والبث الفضائي، تفلت خلاياه من جسده، وتفور مياهه الحامضة، وتهبط أسهمه ورياحه.

وُضعت مرة في كيس ودُفنت في الصحراء فجاءت كلاب وأخرجتها.

أُلغيت ذاكرتها في مصحة عقلية، فتوزعت شظاياها على المرضى فهبوا في المدينة.

حينئذٍ اُستدعي رجلٌ من الغرب. كان قصيراً صامتاً. استخدم آلة «ضخمة» لنشر جسدها، ووزع قطعه على الماء والتراب والهواء.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

6 – جنون النخيل «قصص»، 1998.

❖ «القصص: بعد الانفجار – الموت لأكثر من مرة واحدة! – الأخوان – شهوة الدم – ياقوت – جنون النخيل – النوارس تغادر المدينة –رجب وأمينة – عند التلال – الأم والموت – النفق – ميلاد».

عند التلال ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ:  لـ عبـــــــدالله خلــــــــيفة

رجب وأمينة ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ:  لـ عبـــــــدالله خلــــــــيفة

جنون النخيل ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ:  لـ عبـــــــدالله خلــــــــيفة

هذا الجســد لــي ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ: لـ عبـــــــدالله خلــــــــيفة

لعبة الرمـل ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ: لـ عبـــــــدالله خلــــــــيفة

الغرباء ـ قصةٌ قصـــــــيرةٌ: لـ عبـــــــدالله خلــــــــيفة

   صحوت من نومي على أثر رفسات في بطني. شاهدت ثلاثة أشخاص في المنزل. رجلان وامرأة. الرجل الكبير السن ضخم، متين البنية. راح يتكلم لغة أجهلها تماماً. أعتقدت في بادئ الأمر إنه مجرد حلم. فما أكثر الأحلام التي أرى.

    جرني الرجلان من السرير.. (أنا ضعيف البنية).

    – سريري! بيتي! ماذا تفعلان!؟

    راح الرجل الضخم يتكلم مع المرأة التي يبدو أنها زوجته. كانت منفعلة قليلاً، يظهر أنها كانت تشاركني جزءاً يسيراً من عاطفتي الملتهبة.

    أجلسني الرجل على الكرسي. وقف الشاب ورائي. الرجل الكبير تناول ورقة صفرا كبيرة، انطلق يقرأ ويقرأ. لم أفهم شيئاً.

    فقلت:

    – لا أفهم هذه اللغة أيها السادة، وهذا بيتي.

    لم يهتم الرجل باحتجاجي. واصل القراءة.

    – ماذا تريدون مني بصراحة؟!

    فرغ من القراءة. ناولني الورقة. الورقة سميكة، مخططة، فيها كتابات وصور غريبة. صور بحر وسفن وبنوك وشركات.

    – أهو فيلم أيها السادة أم مسرحية مرتجلة ما تقومون به؟

    المرأة تصرخ. إنها متشنجة. لا شك أنها تدافع عني. لم يهتم الرجل بصراخها. ألقى الورقة. فجأة راح الرجل يرقص أمامي. (لا تقلد زوربا أيها الحقير) أشار في حركاته إلى بيتي. وإلى بلاد بعيدة، هذا البيت، يقول بالإشارة، بيتي. إنه لنا. أنت، لي أنا، أجنبي.

    وقفت محتجاً:

    – إنه منزلي، وأنتم الغرباء المحتلون!

    مضى في رقصه، أشار إلى أنهم أقوياء، يملكون البر والبحر والجو، وأنه لا يحق لنا العيش هنا. الحيوانات الضعيفة لا مكان لها بين الوحوش القوية.

    هدأ الرجل. كان العرق يتصبب منه. ثم أحسست بضربة عنيفة على صدغي من الخلف. أمسكني الرجلان بعنف أخرجاً حبلاً وربطاني بالكرسي.

    – ما الذي تفعلانه؟! أيها الناس.. يا أهل الحي!

    انطلقت في هتاف وصراخ عنيفين. وضع الشاب منديلاً قذراً في فمي.

    هنا قامت المرأة ضاحكة. فتحت الباب ومضت. بعد لحظات كان عدة أطفال صغار يتدافعون إلى منزلي، أقصد المنزل. وقفوا أمامي. بدت الدهشة على وجوههم. كأنهم يشاهدون هندياً أحمر. اقترب أحدهم مني. يبدو أنّه متأثر. هتف به والده. ابتعد. ثم انطلق الصغار في أنحاء البيت يضحكون.

    لا قدرة لي على الكلام. لا قدرة لي على التفسير. لا قدرة لي على الاحتجاج.

    جاءت الأم مرة أخرى. معها الآن شابة نحيفة. رائعة الجمال. هل أنا وحش أيتها السيدة المحترمة جداً؟

    أحضر الشاب العديد من كتب مكتبتي. ألقاها في الفناء. هتف للصغار بلغته الغريبة. فأسرع هؤلاء إلى الكتب يحملونها إلى الخارج.

    إنها كتب عظيمة أيها السادة تحتوي أراء قيمة لمفكرين كبار خدموا البشرية. ألقوا ثيابي، أحرقوها، أما هذه فلا!

    سمعت طرقات على الباب. مضى الوالد. بعد لحظة دخل مع ضابط المركز في حينا. فرحت كثيراً بمجيئه. كأنه على موعد مع هذا الكابوس. أنه أحمد، أحمد زميلي القديم في الدراسة، الذي كان يعتمد علي كثيراً أيام الامتحانات.

    اقترب مني. نزع المنديل. هتفت:

   – من هؤلاء؟ من هؤلاء الغجر؟

   – …………..

    – لقد حطموا أعصابي. أنقذني منهم. كدت أعتقد أنه حلم رهيب لن ينتهي.

    – أصبر لحظة حتى نحقق في الموضوع.

    – إنه بيتي يا أحمد. دخلوا علي، واحتلوا منزلي بكل قوة وعنف وبشكل لا أخلاقي.

     ـ انتظر لحظة حتى أسمع أقوال السيد .

    – تسمع أقواله…؟ ألا ترى وضعي الموضوعي..!

    ثم منذ متى تعرف أنت لغة أجنبية؟؟

    – إذا لم تسكت سأضع المنديل في فمك القذر.

    كانت ضربة قاسية. ثم راح يستمع إلى حديث الرجل الضخم.

    بعد لحظة نادى العديد من رجاله. أحاطوا بي. هتفت:

    – ما هذا يا أحمد؟ سرقوا منزلي وأنت تساعدهم؟!

    – أحمد الله على سلامتك. غيرك حدث له أسوأ مما حدث لك.

    ـ آه يوجد غيري أيضاً! يا لها من لعبة قذرة!

    – خذوه إلى السجن، حذار أن يفلت منكم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مرحبًا أيها العالم!

قراءة المزيد: مرحبًا أيها العالم!

قوة الكلمة

لا تأتي قوة الكلمة من شقشقة اللغة، والتلاعب بالألفاظ، وترفيع المؤدلجين الكذابين، وتغييب الكتاب الحقيقيين، بل من التعبير عن المعاناة العامة، وقضايا الوطن المتخثرة في الدهاليز والفساد وثقافة الكذب.

كلما امتلكت الكلمة سحر التعبير الشعبي، وصور البطولة اليومية ارتفعت في سماوات الأدب البشري الخالد.

الكلمة ليست حروفاً مجردة بل قوة تعبير سحرية عن مضمون شعبي مقاوم يتصدى للصدأ والغبار التاريخي ونشر الجهل، هي صور للبسطاء وهم يُدهسون في شوارع الحياة، وتصوير لأصابعهم وهي تتحرك ضد الحشرات.

ليس الكاتب الخائب، والصحفي المنعزل، ومروج الأكاذيب اليومية المليئة بالصواريخ الفضائية، بل الكاتب المدافع عن شعبه، المعبر عن تاريخه، عن قضاياه المضيعة في ثرثرات المثقفين، وورق الدجل اليومي.

هو من يصور في قصصه وقصائده ومقالاته ما يدور في الواقع، وليس من يصنع صوراً زائفة، ويتباهى باتصالات الوزارات، والمؤتمرات الفاشلة المقامة لسرقة الشعوب، يتباهى بالرسائل المصنوعة من الدوائر العامة الفاشلة، وإقامة علاقة رفيعة عليا مع الحرامية، بل هو الذي يعيش في زاوية العتمة وقلبه على الوطن، يُجلد ويُحبس ويتعطل ويُغيّب ولا تزال القضايا العامة تنبضُ في حروفه.

سجل كلماته أرشيف كاشف للبلد، للحارات، للمحرومين، لم يقل أنا طوال حياته ويعرض سفراته المدفوعة الأجر مسبقاً من فاشلين إدارياً، لو أُعطي تذكرة كشف أرقامها وكيفية صناعة الخداع فيها.

الصحف الفاشلة تموت، وسجل التمويه لو أستمر قروناً لا يصمد للزمن، والبلدان المقطوعة اللسان تتفجر وتتساقط حممها على الرؤوس، ويهرب كذابو الكلمات خارجاً حاملين الغنائم، وسجل الثورات الهائل يعري التحولات المذهلة حيث لم يبق طاووس مهما طال به الزمن، ولا يتعذب شعبٌ إلى الأبد.

الكلمة تتصحر بين أيدي المنافقين لا يجدون أنهم قادرون على الكلام، وببغاء واحدة أفضل صدقاً من مليون كاتب مزيف، لا يَسمع سوى السخرية من كلماته لأنه أصم وبلا معرفة تاريخية منفصم عن الواقع، يعيش في قصر من المرايا التي تعكس ذاته العظمى، ومن يملك ذرة من الصدق ينزوي ويحترم نفسه.

الكلمة نار الحقيقة إلى الأبد، ومن الكلمة نشأت الحضارات والرسالات، وظهرت الرموز والدساتير تشع للبشرية الخير والجمال، والمنافقون لديهم كافة مجلدات اللغة، وموسوعات العطاء المدفوعة، لكنهم غير قادرين على صنع كلمة واحدة مؤثرة تنزل في التربة الوطنية الشعبية التاريخية وتزهر.

الرهان على القلم

لم تفد الكتاب المراهنة على الحكومات والدينيين، فالكلُ يتاجر بالأوطان والأديان لمصلحة موقوتة، والكل يبيع والبعض مستفيد، والأغلبية خاسرة!

الكل يدعي ولا أثر على الأرض!

ليس للكتاب سوى أقلامهم تنمو قصة ورواية وشعراً ونقداً وثروة للوطن بلا مقابل أو بمقابل ضئيل وغير شفاف!

أعطوا الوطن لكل من يدعي ويبيع، وكل من يزحف على بطنه، ويقبل الأحذية، ويأكل التراب ويلعن الإنسان.

ليس لكم سوى هذا القلم مهما توهمتم التحليق في سماء مجردة، ومهما تباعدتم، وأختلفتم، ليس لكم سوى قطرات من حبر أو من دم.

راهنوا على القلم فهو وحده الباقي

تتحولون إلى عظام وذكريات متعددة التفاسير ولا يبقى سوى قلمكم يقول ما آمنتم به وما ناضلتم لكي يتكرس في الأرض.

ليس لكم سوى أوراق فلا يخلدكم ولدٌ ولا تلد، هذه الحروف التي عانيتم في إنتاجها وتعذبتم في إصدارها هي التي تشرفكم أمام الأجيال المقبلة التي لا تحد ولا تحصى.

فثقوا بالحروف وبالإنسانية المناضلة نحو زمن جديد هو زمنكم، الذي تصيرون فيه ملوكاً متوجين، وحكاماً غير مطلقين، ومربين كباراً للأجيال.

ماذا تفعلون الآن وكيف تمتشقون سلاح الكلمة وتوجهونه للحرامية والمفسدين وتعرون شركات الأستغلال وبنوك النهب العام، ترتفعون في سماء الوطن، وتخلدون في سجلات الأبرار.

القلم ليس له شريك سوى الحقيقة، وليس لطريقه واسطة أو سلطة محابية أو كهنة مطلقين، هو الحربة الموجهة للشر لا تعرف الحلول الوسط أو الشيكات الثمينة.

سلطة القلم سلطة عالمية، تتوحدون مع القلم الأسود والأبيض والأصفر، وكل ألوان الإنسانية المتوحدة في معركة واحدة ضد الحكومات المطلقة وبيع الإنسان كما لو أنه حذاء وضد هذا العداء بين الأمم والأديان والأعراق.

أنتم رموز الإنسانية فلا تنحدروا ولا تساوموا واكتبوا بسلطة الحقيقة وليس بسلطة المال.

توحدوا في هذه المعركة الكونية، وتضامنوا مع اشقائكم المظلومين والمضطهدين في كل قارات الأرض، وضد هذه القوى التي تدهس القصة والقصيدة ولا تحب سوى الإعلان، وأخبار القتل واليأس، ولا تبجل سوى البشاعة.

عبدالله خليفة

الملعون

1948 ــ 2014

حشدٌ بشري مضبب، الذي يراه والمترجرجُ في ذاكرته، هو جسمان لأمراتين جميلتين، والباقي من الحشد هو أصواتٌ وظلال، وتتقلبُ أمام ناظريه أكواخُ سعفٍ، ومستنقعات، والصبي الذي يُقادُ في هذا المهرجان متوترٌ بهذا الاهتمام به، وبهذا الموقع بين المرأتين، والسير نحو منطقة الأكواخ المخيفة يبعثُ على شعور بالرهبة والخوف..

كان يهمس:

ـ يا أمي لا أريد أن أذهب!

ـ خذ هذه الروبية!

كانت قطعة النقد هذه ثمينة . تضعها في يده عساها أن تجثم فوق مشاعره المتوترة وتغرقها.

المرأة الأخرى مضيئة، فاتنة، جاءت من بيت ثري، فراحت تبعثُ في نفسه الطمأنينة.

الموكب يتوغل في تجمع بيوت السعف الرثة، حيث أجسادٌ سوداء، ورجالٌ عزابٌ يسكنون الأكواخ.

الطفلُ الذي كنتـُهُ يدخل الكوخ المعتم، حيث رجلٌ يلبس ثوباً ويضع غترة، هذا الرجل الغامق السمرة، المتصل بالغيب والسحر، يرعشُ جسدي حتى الآن، هذا الرجل الذي رأيته مراراً ممسكاً بالأسياخ.. ستكون من وظائفه أن ينقلني من موتٍ إلى آخر.

ثمة ضباب وشخوص ذائبة في خيوطِ النورِ والظلمة، وملاكٌ مرعب لا ينزل بكبشٍ من السماء، بل يمسك سيخاً محمياً:

تقول أمي:

ـ حتى يعيش أخوتك لا بد أن تـُكوى!

يدرك الطفلُ مهمته الصعبة الغامضة، فثمة لعنة تصاحب وجوده منذ ظهر، فهو قد طلع من بطنِ أمه التعبة المريضة متيبساً، وتجمد مدة وسارعت نحوه أيدٍ، وبعد حين لا يعرفه خـُيل لهم إنه رحل، انتعشَّ وتحرك وصاح.

قالت الممرضات (لابد أن تسموه يحيى فهو يموت ويحيى).

ثم كبر الطفل وتبعته سيرُ الموتِ، أخوه الذي قبله والذي لم يره، كان يلاحقه، صار مسئولاً عن غيابه، فلولا اللعنة لعاش، إذن لا بد أن ينحني ويتقدم لهذه المهمة المخيفة، حتى يعيش أخوته. وجاءه السيخ بألم لم يبق في ذاكرته.

لم يبق في ذاكرته سوى هذا العريش الذي يطلُ على شارع.عيناه تحدقان من بين الجريد.

ويجثم في زاوية يلاعب حمامة، ريشها يتناثر من بين أصابعه. ملمسها رقيق. بيوت الحمام سترافقه دون أن يأبه بها.

سيرة الأقلام

كان بيتنا جزءً من طابور طويل من المنازل الصغيرة البسيطة المصطفة، على شكل قوس يقابلهُ قوسٌ آخر من البيوت.

الأبُ تدهورتْ مكانتهُ الاقتصادية وتنقل في  مهن عديدة، لم يلائمهُ البحرُ، فعاش على البستنة، لكن لم تكن لها آثارٌ عميمة في حياتنا، وحياة المنزل، سوى شجرة طماطم كانت هي المظهر الوحيد من هذا الفلاح العامل، ومنديل يملأهُ ببذور، ومرة واحدة صحبني لمدينة عوالي، مدينة النفط، المرتفعة قليلاً فوق مسطح ترابي، ورأيته وهو يزرع ويسقي الزروع.

وكانت مكانته تتدهور حتى في هذه الشركة النفطية، التي استخدمته وإستخدمت غيره لتزيين منازل الموظفين الأوربيين، بالشجر والأزهار، فترك عوالي وجثم في بستانها في منطقة القضيبية وكنتُ أراه وهو يجمع السعف والجريد لإنشاء سور من هذه المواد خوفاً على بيت مدير الشركة من العيون.

الصبي الوحيد في البيت في ذلك الوقت من الخمسينيات وانحدارها نحو أوائل الستينيات، وقد ألزمني أبي بقوة كي ألزم المدرسة في نفس المنطقة، وأنا شبه غائب عن دروسها وعالمها المضبب الغريب، الذي لا أذكر منه سوى تلاميذ في حالات عجيبة قريبة من الهبل، ومدرسين قساة، حتى تحجرت في المقاعد الدراسية، وبدأت أتفوق بصورة غريبة، فقد استثارني مدرس تاريخ، كان يعلم بطريقة لطيفة واهتم بي، فعرفتُ إنني أنتمي لأمة وشعب.

الأقلام.. أتذكر الأقلام كانت ضرباتٌ على الأرض . لم أجد وسيلة لاحتجاج سوى ضرب تلك الأقلام بالبلاط، وتكسيرها ورش الحبر على الأرض، من أجل قطعة نقد لشراء مجلة!

يطالعني وجه (حاجيه) من وراء فرنه ويأخذ البيض المسروق من البيت ويعطيني قطعة النقد.

عاش هذا الرجل مع صاحبه حسن في إدارة هذا المخبز (الأفرنجي) المتواضع في الحي، وكان يعرف القراءة والكتاب، وكان شريكه لا يعرفهما، فسيطر على المخبز وأفتقر الآخر وانهار المخبز بعد ذلك.

كنت أراه وهو يشتغل على الحسابات كل يوم، لم أعرف إلا بعد سنوات طويلة مسألة التزوير!

خلال سنوات تالية لم تستثرني الأقلام، بل الورق، كان الجري وراء الورق المقرؤ ذي الكتابة والألوان والسحر يعصف بي. التهام السير ومجلات الأطفال وقصص الجرائم. أتذكر كيف كنت في بيت أختي بالخبر (السعودية) اتوارى عن الغداء. يبحثون عني ليجدوني داخل غرفة لا أعرف الآن كم كان الضوء فيها!

في بيت ابن عمي بالسعودية أجد إهرامات من الصحف ومجلات آخر ساعة، والحبر المصري الغاسل لليد، والمفجر للصراخ القومي، وشهيتي له محدودة قياساً للكتب وللقصص والإثارة فيها.

اتذكر إن أول ظهور للقلم بعد أن تصالحت معه وأحببته، وكان مرادفاً للعزلة، حيث ابتعدت عن شاطئ البحر، والعيون، ومعارك الفتيان في الحي. كانت هذه الرياضات والضربات في جو من الإثارة الصبيانية والمحدودية المليئة بالتفاهة. لم يكن أحدٌ يوجهني. لكنني لم أجدْ فيها راحة. العزلة مع الورق غدت محبوبة. المدرسة بجدارنها العالية، بانضباطها المروع، أشبه بسجن يفرُ منه الجسم نحو حديقة الورق. لكن المدرسة اعطتني مفاتيح المعرفة، قراءة الحروف والكلمات العربية. هذه الطلاسم السحرية والاكتشافات العلمية فاتحة الدروب ومشكلة العوالم والخلق ومفجرة التجارب الكيميائية التحولية.

معها صرتُ أجلس طويلاً على خزانة خشبية في الليوان واصارع الفرسان والجن وأخطف الأميرات وأذهب للأفلام الهندية في سينما أوال ونخرج قبيل الغروب ونحن نتحارب بجريد مسنون، ونلبسُ الأقنعة وندخلُ الدروب على خيول وهمية!

كانت أجنحة الفنون ترفرفُ بنا، وإذ قـُصت أجنحة صحبي، وانحشروا في معامل، وحملوا أدوات جثمت بهم على الأرض، فأنا رحت أحلق، أطير في أجواء غريبة ، اعانق كل يوم هذه الكائنات المجنحة، لكن لم أذب فيها. كانت قصص الأب عن الغوص والبحر عالماً آخر من الغرابة. هنا كانت الأرض بتضاريسها الغامضة تطلعُ؛ خليفة علي البوفلاسة جدي القادم من دبي بسفينته وبيته وصيده وبموته المفاجئ أثر سقوط صارٍ عليه، ووحدة أبي وأخته في بيتهما المشترك الصعب وهما وحيدان غريبان، وانطلاقه الصعب في الأعمال والحياة بأميته وبساطته، كانت قصصاً تكرس الخيال في حياة الإنسان. 

تكسرت أقلام الحبر بيدي! تكسرت وأختي المفجوعة بي. ودموع أمي. لا تزال ملحها يرشرش على جسمي . صرت أقدس تلك الزجاجات الصغيرة القناديل، ويغدو حبرها المتناثر مثل دمي.

أكسر أقلامي إحتجاجاً لأحصل على قطعة نقدية لأشتري مجلة! واسرق البيض لأجل ذلك أيضاً!

النقلة الكبيرة حين بدأتُ أعي الأفكار الكبرى في العالم، من المدرسة الابتدائية حتى قراءة نظرية داروين وماركس والروايات الروسية الكبيرة!

عاملان أشعلا الجوع؛ صديق في المدرسة ووجود المكتبة العامة في المنطقة، وكنا نمشي إليها ونخافُ أن ندخل، ونلفتُ الأنظار بدخولنا، ونسمع أمين المكتبة يتكلم دوماً في غرفته، وأغلب الحضور من المدرسين العرب يقومون باستثمار أوقاتهم الضائعة في قراءة الجرائد والأحاديث. ويتعابنا مدير المكتبة خائفاً على ترتيب الكتب، وبدوت كمتطفل في هذا المكان المتواضع، الذي كان مهيباً وقتذاك.

جلب تلك المجلدات إلى البيت والقراءة المستمرة فيها، شعشعت الوعي بأشياء غريبة آخاذة. كانت القراءات الأولى لتيشكوف ودستويفسكي الأثيرين لدي حينذاك. ثم نجيب محفوظ.

في العلاقة مع المكتبة العامة والوحدة في البيت شبه الفارغ تخصص وتفرغ تشكلا بالصدفة. ثم جاءت الخلية الحزبية لتضيف إليها كتب كثيرة، حيث يتشري التنظيم مئات الكتب وتوزع، وتتسرب، وربما تضيع في بيوت، وربما تدور على الرفاق لتغذي أفكارهم، وكان التقرير نشاطاً ثقافياً، حيث تـُكتب الملاحظات عن الكتب. وتجري تنحية هنا لكتب الأدب الصافية، الإنسانية العامة، لصالح كتب الصراعات والنضالات. هذه والتجارب الاجتماعية تندغمان في الأكتشاف.

في المدرستين الأعدادية والثانوية تنامت عدتي الفكرية واهتماماتي الأدبية، الانغمار في النثر بحثاً وحكياً، التقيت بشخصية إبداعية غريبة في هذه الخلايا، حيث من الصعب ظهور مبدع فيها لأن أغلب أفرادها عمال، فوجدته يكتب روايات مطولة على دفاتر، بخط يد أنيق وجميل، وهي بلا أحداث ومليئة بالوصف المطول الطبيعي، وفيها دخان سجائره الذي يبثه على هذا الورق. بعدئذ ترك الرواية وكرس نفسه للبحث في الموسيقى وتأليف مقطوعات وسيمفونيات.

في عزف في الشوارع، في مجادلاته الأدبية، في رغبته الدائمة في (المعاياه) ثمة أسطورة إنسانية متوارية، فهذا الذي تأثر بعالم الزنوج والعبيد في المنطقة، وغار في الزيت وعمله وأدواته، نذر نفسه لهدف ثقافي كبير، وفي مأساة حياته، حيث سجن طويلاً، سجناً يساوي نصف حياته، لم يتخل عن حبه للموسيقى، لرقص العبيد الذين يهزون الأرض.

التنظيـم السياسي

أنا من مواليد سنة 1948، وكان مسقط رأسي في منطقة القضيبية لأسرة بسيطة، حيث كان والدي عاملاً في بابكو، وتعيش العائلة في الحي المعروف بفريق العمال.

عانت العائلة من وفيات الأطفال المتكررة، وترعرعتُ أنا وسط هذا الخوف من الموت والأمراض.

تعلمتُ في مدرسة القضيبية الابتدائية للبنين، بشكل سيئ في البداية بسبب عدم وجود توجيه عائلي، فالأب والأم أميان، وكنتُ أهرب من المدرسة في البداية، ثم بسبب إصرار والدي انتظمت ثم رحتُ أتفوق واتوجه لقراءة الكتب بسبب وجود أصدقاء في المدرسة.

وكانت أصداء الحركة الوطنية تصل إلى الحي والمدرسة بطبيعة الحال، حيث الصراع ضد الاستعمار على أشده في منتصف الخمسينيات. ثم في وسط الستينيات، كنا في مدرسة الحورة وقدنا في انتفاضة مارس 1965 جماعة شقت طريقها إلى مدرسة المنامة الثانوية للبنين وفتحنا الباب وتدفقت المجموعات الطلابية كالنهر الصاخب، وفي أثرنا اندفعت الخيولُ التي راحت تفرق ذلك النهر الواسع، والذي كان يعيد تنظيم صفوفه مرة أخرى ليتحول على مظاهرات هادرة.

في السنة التالية أي سنة 1966 توجهتُ إلى مدرسة المنامة الثانوية للبنين حيث تعرفتُ على مجموعة منتمية لجبهة التحرير الوطني، وكنا نناقش على مدى شهور المسائل الأولية للفكر الحديث، بسذاجة طبعاً في تلك الظروف وفي تلك المستويات. فرحتُ ألتهم الكتب، وقد عُرض عليّ الانضمام للجبهة في تلك السنة، فانخرطتُ فيها وفي خلايا تنتمي لمنطقة القضيبية ~ الحورة ~ رأس الرمان ~ الفاضل ~ العوضية.

من سنة 1966 وحتى سنة 1968، حيث وقعت اكبر ضربة أمنية لخلايا الجبهة، صعدتُ إلى اللجنة القيادية للجبهة وكنتُ طالباً في الثانوية ثم في معهد المعلمين الذي كان يُسمى عالياً! فكان علينا أن لا ندرس في الخارج ولا نسافر ونكرس أنفسنا للخلايا والكتابة والمنشورات ودعوة الناس الخ..

ومن جهتي كان لدي نشاطي الفكري والأدبي، حيث لم أكتف بكتب الأدبيات السياسية التي وجدتها مبسطة ولا تفي بالحاجة الفكرية العميقة، وكنتُ أكتب قصصاً في الصحافة بأسماء مستعارة أجرب فيها عملية الكتابة القصصية ومدى تقبل الناس لها! حتى فزت مرة بجائزة أسرة الأدباء للقصة القصيرة فكرست نفسي باسمي الحالي.

إضافة إلى ذلك كنتُ أكتب مقالات ودراسات سياسية واجتماعية، عن تاريخ البحرين أو عن تطور القصة القصيرة فيها، وكان هذا عنوان بحث قدمته في مؤتمر الأدباء العرب في الجزائر  في بداية سنة 1975، وهي سنة حل البرلمان الوطني فكانت أول وآخر سفرة في عقد السبعينيات! وفي مؤتمر الجزائر رأيتُ شخصيات مثل الرئيس هواري بومدين وتعرفت على الشاعر محمد مهدي الجواهري والباحث حسين مروة!

ورغم الضربات المستمرة للجبهة حققنا تطوراً لها عبر تحولها إلى منظمة متسعة وذات منظمات (جماهيرية) كاتحاد الطلبة والشبيبة وكذلك تطور التثقيف وتحليل الواقع.

في تلك السنة كانت تجري عملية تصعيد مفتعلة للصراعات السياسية والاجتماعية كمبرر لحل البرلمان، وكنتُ ضحية لإحدى تلك الألاعيب، فقد نشر أحد الصحفيين تحقيقاً حول التعليم تطرقنا فيه إلى المشكلات العميقة داخله، وكانت الإدارة تتصيد عبارات لتفجرها، فأخذوا كلمة (التعليم تعليم استعماري) ليجعلوها قضيةً كبرى لا بد فيها من الاعتذار من أجل تفجير الاضطراب في الشارع تمهيداً لحل البرلمان، فلم نعتذر وفصلنا وطردنا من التعليم بعد المعهد وسنوات الدراسة فيه وسنوات التدريس!

في قيادة الجبهة كنا نرفض عمليات التصعيد وانفجارات النضال العفوي المزعومة غالباً، وكان البعض يعتقد أن التصعيد منا، حيث كانت الجبهة أكثر التنظيمات تأثيراً في الشارع، بسبب واقعية خطها السياسي وقتذاك ومرونتها تجاه كافة أشكال النضال.

ثم حدث حل البرلمان واعتقلنا فحدثت المآسي الشخصية التي تعرفها.. كان السجن مطولاً هذه المرة خلافاً للمرات السابقة الخاطفة السريعة. فكان خبرة وإنتاجاً أدبياً وفكرياً. وحين خرجت كان لدي مجموعة من الكتب وأفكار بشأن دراسة التراث، حيث واتتنا الفرصة في السنة الأخيرة لقراءة مجلدات المفصل في تاريخ العرب لجواد علي والنزعات المادية لحسين مروة وغيرها من المراجع.

ابتعدت بعد السجن عن العمل السياسي التنظيمي لكنني كنتُ أدرس التجربة الفكرية والسياسية من أجل مراجعتها وتطويرها.

كانت مشكلات التنظيمات السياسية من الداخل حيث تتسلل عناصر مشبوهة وانتهازية، وهي التي تقوم بهدم منظم للعمل السياسي النضالي عبر خطط مدروسة.

ولهذا فإن التنظيمات بحاجة إلى مجتمع ديمقراطي حقيقي كي تتفتح وتغدو منتجة وهذا مستحيل في ظل تركز في السلطة.

ذكرياتٌ سياسية

كانت سنوات أوائل الستينيات (1965، 1966، 1967) سنوات زاخرة مصيرية، بحرينياً وعربياً، ففي البحرين كانت تتجمع مجموعة من العواصف الاجتماعية الزاخرة، وثمة عقدٌ من السنين كان فاشلاً في التنمية والحرية والتقدم، وثمة شركة وإدارة وحالة بلعت فوائضَ كثيرة دون أي تحول عميق عادل لمجتمع يخرجُ من بيوت السعف والأكواخ إلى بيوت صغيرة مليئة بالأسر وفي مدارس رثة وأوضاع مادية بائسة.

كان تجمع حشود الطلبة والشباب في مدرسة الحورة الإعدادية للخروج إلى الشارع يمثل حالة ساخنة مكبوتة من سنين ورغبة عارمة للشباب في الظهور على سطح الحياة، وما لبثوا أن خرجوا إلى بؤرة المنامة وهي مدرسة الثانوية للبنين حيث انفجر الوضع!

خرج آلافُ الطلبة إلى الساحة وفضاء البلد ككل، وبعد هذه اللحظة خرج الشعبُ كطيور في سماء المدن!

هي سنواتٌ من الزخم الغريب حيث تجمعت وعودُ الاشتراكية في روسيا ومصر والعراق وغيرها لتغيير حياة العاملين وهطلت أمطارُ الشعارات، وهي سنواتُ الهزيمة والفشل وما زال الطائر يحلق في سماء الحلم وهو جريح!

الذي بقي من زخم الشباب هو ترجمة ذلك لمنظمات وخلايا وبحث وقراءة. تكسرت الأرجل في الشوارع لكن تغلغل الشباب في خلايا المنظمات المتكاثرة بعد المطر.

وجدتُ نفسي في ساحة مدرسة الثانوية وصفوفها أتعلم السياسة وأنخرطُ في خلية. بضعة شباب قلة من الريف تقرأ وتعيرُ الكتبَ لنا. نحن أولاد الفقراء كنا عاجزين عن شرائها. والكتب هي بؤر التحول، فمن كتب دارون المبسطة بقلم سلامة موسى إلى أمهات كتب الماركسية بعد سنوات قليلة.

كلمات مثل الجدل كانت تنفجر كمصطلحات هامة، وكان هذا يشير لزخم التيارات التحديثية الوطنية المتصدرة المشهد والمتغلغلة في صفوف الطلبة خاصة.

تلك السنة سحبت الشباب من التأمل وصراعات الأحياء البائسة وعوالم الفقراء المغلقة إلى زخم السياسة العربية العالمية، وبدأنا في القراءة والتنظيم ونشر المعرفة وتجنيد الآخرين!

ماذا تعني كلمة (خلية)؟

هي انتقالٌ من حالةِ الفوضى الفكرية والاجتماعية لحالةِ التنظيم  والدرس والتطور السياسي العميق. فلا تعد الكتب حرة، وتغدو العلاقات منظمة، ويحدث الدرس لنظرية ما، وهي في حالتي نظرية الماركسية، والخلية تقوم هنا ببحث شعيرات هذه النظرية على مدى  سنوات وتطبيقها!

تبدأ من الحالة السياسية، حالة الحياة والوطن والشعب، إلى حالات التيار وصراع العالم وظهور قوى المعسكر الاشتراكي وتغييره لعالم الاستغلال والفقر وتصعيد ثورات التحرر الوطني وتحقيق الاستقلال.

تستطيع الخلية بعد سنوات من تراكمية الوعي أن تضع أقدامها على شرائط من التراب الاجتماعي،  ويظهر أعضاءٌ آخرون وتتصاعد الرؤى وتتصادم ويختفي أناسٌ من الخلية ويظهر أعضاءٌ جدد ويحدث توالد وتصدع ويتوسع التجنيد  وانفجارات الشباب الصغيرة تغدو بحراً من البشر بعد سنوات.

ولدت سنوات الستينيات زخماً نضالياً شعبياً وحالات تطور فكرية وثقافية واسعة في صفوف الشباب خاصة. فظهرت الصحف ومثلت زخماً وتطوراً في السياسة والثقافة، فكان المدى الغامض للخمسينيات قد صار وضوحاً سياسياً، فظهرت التنظيمات النوعية، وتحددت الأنواع الفنية والأدبية، وظهر نتاجٌ فكري راح يبحث عن تطور البلد والشعب المميزين.

كان (انفجار) هذا كله هو وليد زخم الخمسينيات وتجارب السابقين وعطائهم فظهر جيلٌ زاخر ذو عطاء تمثلت أعماله في جوانب عدة، ويعتمد ذلك على عطاء الأفراد ودورهم ولم تؤد الهزائم إلا إلى مزيداً من البحث والحفر والمعرفة والتصلب.

وهكذا تبدأ القصة القصيرة في الظهور والقصيدة وقطعة النقد الأدبية والفكرية. فالجريدة أتاحت لهذه الأجناس الأدبية في الظهور، وكانت أشكال من البراعم المتحولة التي لا تنفصل عن (الخلية).

كانت الخلية هي المنتج وهذا هو عسلها، فلم تنفصل القصة القصيرة عن المقالة النقدية السياسية الثائرة، وعن القصيدة المحلقة بالدعوة الثورية وبآلام العاملين في البحر.

هكذا كان الوعي الشبابي الطفولي الزاخر لمرحلة الستينيات يدفع شبابه التلاميذ من ساحة الثانوية إلى الثقافة الحديثة وإلى العالم المعاصر المعقد فيما بعد.

إذا كانت سنواتُ بدايات الستينيات هي صانعة عقدين من التطور السياسي البحريني العربي، فإن مضمون الخلية السياسية أثر على هذين العقدين تأثيراً مهماً. وهو وعي التخطيط التحديثي، وعدم ترك المجرى العفوي للتطور يأخذ الحياة إلى مرئياته التاريخية الماضوية.

لكن بعض المنظمين والسياسيين لا يدع هذا المجرى المنظم يقود، وتسبب عفويتهم الكثير من المشكلات لهم وللتطور السياسي معاً.

أحياءُ القضيبية ورأس الرمان والحورة والمخارقة والحمام هي الأحياء الشعبية التي تنفست واستوعبت الحداثةَ الوطنية في عمقها الشعبي، فهنا الشباب استوعب زخم الحركة الوطنية السابقة من دون أن يعود إلى أشكالها التنظيمية من شكلها عبر حركة الهيئة وهو الشكلُ الفضفاض الجماهيري، ثم جاء الشكل الفضفاض القومي وهو كذلك لم يكن مناسباً، فجاءت (الخلية) السرية الجماهيرية، القليلة الأعضاء، المستوعبة للفكر النظري السياسي العملي.

لكن شباب هذه المنطقة لم يستوعبوا كلية وبدقة المجرى السياسي السابق وظل بعضهم متشبثاً بأشكاله ولم يرتفع للمستوى الفكري المطلوب لذلك، لهذا نشب صراعٌ شخصي وتنظيمي، قومي وشيوعي وبعثي حتى غاص ذلك في التطور الطبيعي للمكان والزمان.

من هنا، وبعد عقدٍ من الزمان قامت هذه المنطقة من شرق المنامة بدور العاصمة السياسية حكومياً، حيث تمركزت فيها المؤسساتُ السياسية السابقة من عهد الاستعمار حتى الاستقلال، لكن لم تكن فيها مؤسسات سياسية شعبية حتى راحت تلك الخلايا السرية، والمجموعات الباحثة في العمل الوطني، تطل بروؤسها وتعبر بالأوراق والرؤى والتجمعات عن نفسها، ولهذا ليس مستغرباً أن تجمع نفس المنطقة بعد عقود الحكومة والبرلمان، البلديات المنتخبة ومشروعات الأحزاب وغيرها.

تجمع الأحياء الشعبية في شرق العاصمة لم يؤدِ بشكل عفوي للوعي المنظم الحديث لولا الأداة العصرية الكثيفة التعبير عن التراكم السياسي التاريخي المنوع.

وقد ضمت عناصر من (القوميات) و(الطوائف) بشكلها الرمزي، فهذه العناصر المختلفة مذهبياً وفكرياً وسياسياً اندمجت في تعبير سياسي نهضوي وطني موحد اجتماعياً فهو بحريني الانتماء، ولكن منقسم اجتماعياً إلى تجار وعمال ومثقفين ذوي آراء تحديثية، يختلفون في متاجرهم ومصانعهم، ولكن يتفقون في الهوى الديمقراطي.

وقد عبرت منطقةُ شرق المنامة عن انقسامها السياسي بين شارع وشارع الحكومة، بين رؤى تتجه الى الاستقلال والنقابات والديمقراطية، ورؤى تتجه الى الاستقلال والتطور المجرد.

وبهذا بدأت البحرين ككل وضعها السياسي الحديث.

هو البيت الذي أحبه!

لم يَعُدْ لنا بيت. جاءَ الغرباءُ وأخذوه.

كان بستاننا هنا، وبحرنا الذي نسبحُ فيه، وشاطئنا الذي نصطاد عليه.

لم يعدْ لنا شاطئ ولا سمك، والقوارب تكسرتْ على القوارب.

نتذكرُ بأسى كيف كنا، عائلة واحدة، فريقاً ملتحماً يصطاد معاً، يتبادل صحونَ الأرز في الأزمات، نتسلف من بعضنا، نأخذ المياه من عين واحدة.

لم يعدْ لك حيك، صار أشبه بجهنم الدولارات والصفقات والسلع والغرف التي تـُؤجر في كل لحظة وتخلى في اللحظة التالية، وهو حي البضائع السرية المهربة، تخرجُ من غرفتك في الفندق أو غرفتك في الدواعيس الرثة لتجد أن مدينتك خطفوها، أين ذهبت عاصمتي ومدينتي وأمي؟

 لغات بعدد سكان الأرض، رثاث من الخلق وسوق فوضوية، وكراجات تضرب جدران رأسك الذي تحول إلى جمجمة، وكان الأب يعدُ ابناءه بمستقبل شفاف سعيد، ويقول لهم ستكون هذه الأرض لكم، وكبرنا ووجدنا الأرض تـُسحب منا، ونحن سلع في المزادات، وأدوات حديدية صدئة في مشاغل رثة.

بيتنا سُرق منا، ولم نعدْ نعرفُ جيرانـَنا، وذهبَ رجلٌ (مناضل) لحيهِ القديم يجمعُ الأصوات للانتخابات، وطرقَ بابَ بيت رفيقه الذي عاش سنوات الطفولة والصبا معه، وعلمهُ بعضَ الكلمات، طرقَ الباب ليسأل عن رفيق يعاونه في الوصول لكرسي الهيلمان، فوجد أن الصديق مات منذ سنين، بعد أن امتلأ بأمراض غريبة.

خرج أولادُ الصديق غاضبين!

حارتنا سُرقت، أولاً سرقوا النادي منا، ذلك النادي الذي كانوا يقيمون عليه المسرحيات الفكاهية الجاذبة للناس، وكان مثل التلفزيون الوطني يبث الحكم والقصص، فيتداول الرجال والنساء قضايا الحداثة ومشاكل الواقع، وكانت جرائده الحائطية مكتوبة بعشرات الإيدي، وبعدها يصيرُ الصغار رسامين وكتاب قصة وحالمين بالأمل الأخضر.

بعد أن خطفوا النادي خطفوا صدورَ المراهقين التي امتلأت بالدخان فراحوا يسبحون في بحر الإبر والعروق المفتوحة على الجروح والسموم، يغرزون في سواعدهم الرقيقة الأنصال، ليشبع تجار لا يشبعون، ويعودُ المناضلُ ليسأل: أين ذهب شاكر؟ أين ذهب سالم؟ أين ذهب عمار؟ أين.. أين!؟

فيقولون له يعطيك طول العمر، رحلوا وتركوا الدنيا الفانية!

فيصرخ كلهم كانوا شباباً!

يجيبُ من بقى على قيد الحياة ولم تزلْ في لسانهِ مضغة شجاعة: هل رأيتَ كيف جاعوا، وبحثوا عن العمل ولم يجدوه، وتسكعوا طويلاً، وجلسوا يثرثرون أزماناً، فأصطادتهم شبكاتُ الهوى والنوى؟

حين يعود المناضلون ليجمعوا الأصوات لا يعرفون أزقتهم، أزقتهم التي خطفها الدرزي والحلاق وتاجرُ الإبر والملا وتاجر العقارات وتاجر النعوش والأضرحة.

بعد أن خطفوا النادي وعقولَ العصافير الصغيرة خطفوا المصائدَ والقواربَ وتراب البحر النقي، والقواقع، وحكايات الربابنة والبحارة، والمرفأ الصغير الذي كان متحفاً للطائرات التي سقطت بين الحورة والقضيبية، والدولايب الملأى باللوز والبراحات الملأى بالحكايات وعشاق الليل والأقمار.

خذ الآن ما شئتَ من قمامةٍ ومن شعراء بلا ألسنة نسوا الصراخ والكلام، ومن أبطالٍ مُرممين بقش، ومن متهالكين على الكراسي/ المآسي.

خذ الآن ما شئتْ من براميل مليئةٍ بالبقايا والهدايا والشيكات، والذكريات المحروقة ولكن لن تجد الكهول الذين حفظوا أشعار الأولين، والفرق الشعبية الصاهلة بغناء الوطن والنسوة الحرفيات اللواتي كن يصنعن الأكلات والحلوى، ويبعن في الطرق دون أن يتعرضن للحبس والأحجار.

لن تجدَ امرأتك فقد تيبست من الولادات وتربية الأطفال وتسليم ضلوعهم لتجار الممنوعات.

لن تجدَ المجالسَ المليئة بالحكمة والسوق المليئة بالأسماك الطازجة القادمة من السواحل، ومن المصائد الجالسة على مرمى حجر.

لن تجدَ أهلكَ الذين تواروا من التلوث والمطابخ والأسعار العالية والطوفان الأجنبي، وهجمت عليهم الأدخنة والغازات والسراطانات والدماءُ البيضاء.

بعد أن خطفوا النادي والصغار والساحرات الطائرة في السماوات والأحلام خطفوا العقولَ التي كانت واعدة بالطيران نحو المريخ واكتشاف العلاجات للأمراض الاجتماعية والجلدية والروحية.

صار الشباب ممغنطين موجهين للآخرة، أو للقبور، مسحورين أو شبه مسحورين، يكتبون الجوامع والتمائم، ويهذون ويحلون المعادلات الخرافية للقرن الثاني الهجري، أو يتخدرون طوال اليوم بأعشاب.

لم يعد لي بيت، خطفوا بيتي.

استولى الأغرابُ على بيتي، فلجأت لمدينتي فوجدتهم خطفوا مدينتي، فذهبتُ إلى أصدقائي فوجدتهم خطفوا أصدقائي.

كلُ حجر فيه كان من معاشي وكلماتي، وكلُ قطعة فيها سُقيت بدمائي، لكن الأرضَ هربتْ من يدي، وراحتْ تبحرُ خارج خليجي، كلُ يومٍ تمشي بوصة جديدة وتسحبُ أولادي، وصراخي يتعالى: أعيدوا لي وطني!

كانت سنوات الثمانينيات ناضبة، ملأى بالخوف والحذر.

حين خرجتُ من السجن في نهاية عام 1980 كانت الحياة الاقتصادية تواصل انطلاقتها العنيفة، فيما يشبه السيل أو الفوضى.

فلم تكن طرق القضيبية كما كانت سابقاً، كان الشاطئ القريب من جبرة السوق قد رحل بعيداً. ودفنت المنطقة وكدتُ أضيع وأنا أبحث عن البيت.

المكان يشير إلى اندفاع حكومي وخاص للاستيلاء على البيئة البكر، وأمتلأ الحي بالدكاكين، وانتشر العمال الأجانب، لكن ليس بمثل الكثافة الرهيبة الحالية.

هذا الجو يكرس الغربة، خاصةً مع غياب الأصدقاء، ففي بيوت معينة قريبة كان ثمة أصدقاء لكنهم ذهبوا لبيوت جديدة، ومقاهي ودكاكين الداما اختفت.

عدت إلى غرفتي القديمة، زجاج النافذة مكسور، والبناء القديم مستمر.

بدأ يظهر لي الملتحون، قال لي أحدهم بحدة وهو يهنئني بالحرية (أنس الماضي والأفكار القديمة). عائلته التحقت بأجهزة الحرس والشرطة، وانتعشت أحوالها، وخلقوا مجموعة من العيال المهتمين بالصلاة.

يتوافق مع هذا الاغتراب الديني اغتراب ثقافي وكأن الجانبين أو الاغترابين جزءٌ من منظومة فكرية متداخلة، رغم إن الاغتراب الثقافي حداثي، وعلماني، أي يرفض التعامل بالمفردات الدينية.

وهذا أشبه بالعدمية الدينية، حيث يُبعد الدين عن مجال التعامل، ولا يكشف ويحلل. والتعاملُ المحافظ هو كذلك إغتراب للدين، لأنه مجرد تظاهر براني به.

إن الاغتراب الثقافي لم يكن قد انقطعت صلاته بالمقاومة الاجتماعية التي كانت ساخنة في زمن السبعينيات، ومن هنا كان نتاج السجن الأدبي حافلاً بالانجازات الإبداعية، حيث وصلت القصيدة ربما إلى مستوى لم تقاربه مرة أخرى. لكن كانت القصة بحاجة إلى معالجة الواقع الجديد، وبهذا كانت خطى هذين النوعين الأدبيين مختلفة.

مسائل الثقافة هذه كانت أساسية، لأنها كانت التعبير الأكثر انتشاراً وقدرة على العلن، أي على النشر في الصحف والمجلات، في حين إن الكتابات السياسية غير ممكنة، وحتى لو ظهر هذا الخطاب السياسي، كما سيظهرُ في سنوات الثمانينيات نفسها، فإنه سيظهر موجهاً للقضايا الخارجية، أو للمشكلات الاجتماعية الطافحة المحدودة.

لهذا عملت على طباعة كتاباتي المنتجة في السجن عبر آلة كاتبة جديدة أشتريتها.

كانت آلة الطباعة القديمة قد تركتها بيد زميل لكنه قذفها في البحر(قال لي رجلٌ من منطقة الصديق بعد ذلك، بأنه هو الذي أغرقها بعد أن أبحر بقاربه وألقاها في منطقة كان البحر فيها غزيراً، ثم جاء فوقها الدفان!).

إن طباعة تلك القصص والروايات ثم البحث عن عمل ورؤية الأصدقاء كل ذلك كان متداخلاً في تلك الفترة.

وإذ كنتُ أستل تلك الأوراق الصغيرة من معاجين الأسنان حيث غرقت بسوائلها، أشعر بقربي بكلمات اليأس والخيبة.

يوميات صيف يونيو

اتصال من …

خولة مطر ت …

اعتذاران عن لقاء يوم 30 مايو، مرة لقاء في جريدة ، مرة لحضور جلسة محكمة..

فكرة رواية الربان تتصاعد: الربان يعيش في جزيرة صغيرة يأخذ الركاب في عملية موت، ظل لفتى مسيطر على الركاب، رواية ذات نسق أسطوري ~ واقعي

أعمدة: مقتول ضائع الملامح

ـ الأرهاب والطائفية

ـ الاكتمال الإسلامي

تساؤلات عن كلمات: بذنيك الزنديقان ص 113 من رواية عثمان ~ جوارب أم جوارباً ص 117.

شهر يونيو

 3 ـ اتصال من (…) فتاة جامعية انتجت كتاباً عن القصة العربية الكلاسيكية، تحدثنا حول نتائج مسابقة وزارة الإعلام القصصية وافقنا على اسماء الفائزين.

أعطيتُ خولة مطر نسخة من رواية عثمان بن عفان، كلمت صاحب دار (هاني الريس) الذي قال لها متحمساً أسرعي بها!

تحدثت خولة عن علاقتها بجريدة الوقت، ورئيس تحريرها إبراهيم بشمي المحروقة منه، والذي أبعدها عملياً عن رئاسة التحرير، ولم يدفع لها شيئاً حتى تاريخه! تذكرنا بعض الذكريات عن أبي خليل الصوفي!

4 ـ يونيو 2007 قرار المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية إجازة رواية عمر بن الخطاب شهيداً بعد رفض طويل لوزارة الإعلام ؛ شهران ونصف..

استعارة كتاب (رسمت خطاً في الرمال) لهاني الراهب طبعة سنة 1999 يتحدث فيه بشكل منولوجي كثيف واوسع وعبر تداخل العصور، والراوي المهمين على كل شيء هو بؤرة العمل.

أمينة مكتبة شباب رأس رمان فتاة صغيرة متخرجة وتبحث عن عمل وعملها الحالي كأمينة مكتبة بقيمة 50 دينار فقط اسمها زينب.  كتبت عموداً عن كتاب خولة مطر، حرب لبنان بعد قراءته.

انهيت مقابلات عبر البريد الإلكتروني حول أدب السجون لجريدة الوطن، وحول أزمة كتابي عمر ورأس الحسين لجريدة العهد (تعثرا في النشر، ملاحظات لاحقة).

أفكار أعمدة: العمال والإقطاع، وعي المغامرة ووعي العقلانية.

عشرة يونيو: أفكار جديدة تتعلق بتفسير القرآن: تداخل الإلهي والبشري، البشري هو الذي يعبر ويجسد تاريخه ومفرداته من خلال المظلة الإلهية العامة، الإله يترك الإنسان ~ النبي يعبر حسب ظروفه وإمكانياته عن نفسه، داخل المنظور الإلهي كذلك! كيف؟ ذلك هو التفسير الجدلي التاريخي للقرآن.

تضاد الاقتصاد والمرافق عمود محلي

متبجحون مذهبيون عن التعبير الكلي المطلق، دكتاتوريات صغيرة محدودة وأمية فكرياً.

 10ـ يونيو فما بعد استمرار فكرة التفسير القويم…

عودة لرواية علي بن أبي طالب، عدم الاعتماد على المراجع، بل الخيال والرؤية الحرة..

هشاشة النيسج الفكري سيطرة التقليديين المسيطرين على الثروة تجعل التيارات الحديثة غير فاعلة، اهمية اختراق النسيج الفكري.

مقابلتان لا يعرف أصحبها كيفية توصيل البريد الإلكتروني، مقابلة أدب السجون، مقابلة حديث عن الروايتين.

23 ـ يونيو

تسيطر علي فكرة رواية عن البحرين والخليج في العصر الوسيط باسم (الحرية أو الموت) عن الشيخ مقرن، قرأت فصولاً كثيرة من كتاب (أفونسو دلبوكيرك) وهو من إصدارات المجمع الثقافي في أبوظبي مكون جزئين كبيرين، وهو سجلٌ كامل عن رئيس القباطنة البرتغاليين وحاكم الهند، فيه اسهاب عن أعماله الأجرامية في المنطقة ومجازره. ولا وتوجد معلومات وافيه عن الشيخ مقرن الذي اسستشهد في الدفاع عن البلد..

جرت في أسرة الأدباء والكتاب ندوة حول روايتي (عمر) و (رأس الحسين)، قدمت ورقتان تعريفيتان من قبل كريم رضي، وزكريا رضي،  وكتبت تعليقاً حول ذلك باسم قضايا الرواية التاريخية..

23 ـ يونيو وافق رياض الريس على طبع رواية (عثمان بن عفان شهيداً) سوف تصدر في شهر ديسمبر، على الأساس الارتباط بالمعارض، تخصيص نسبة من الدخل..

مع الانتهاء الكلي من رواية (ثمن الروح) تفكير في نشرها، رواية (التماثيل) نشرت في أخبار الخليج على حلقات في شهري مارس ~ مايو ‏2007‏‏.

ارسلت وكالة الصحافة العربية من مصر مسودات أربع كتب في أواخر شهر يونيو 2007، هي ثلاثة أجزاء من (الاتجاهات المثالية في الفلسفة العربية الإسلامية)، وقد سبق تصحيح الجزء الأول قبل شهور، حيث لم يطبع الجزء الرابع في طبعة المؤسسة العربية للدراسات والنشر.

مع هذه الأجزاء هناك باسم (تجارب روائية من الخليج والجزيرة العربية).

لم ترسل خولة مطر أي نسخ من عمر.. قضية الرواية معلقة حتى الآن.

تجربتي في القصة القصيرة*

في هذه المداخلة سأعرض عليكم الخطوط الأساسية لتشكل القصة القصيرة لدي من خلال وقائع التجربة الحياتية والفنية وتبدلاتها.

اسمحوا لي، بأن تكون الورقة تتوجه لقراءة خيوط التجربة وتعقدها واختلافاتها، عبر محطات أساسية، ورغم إن هذه الطريقة تقترب من النقد الذاتي، إلا أنني سأعرض التجربة بموضوعية، مكتشفاً عملي عبر التحليل الداخلي والخارجي.

1

  كيف تكونت القصة القصيرة لدي؟ لماذا لم تنفصل عن صرخاتي السياسية والاجتماعية؟ لماذا وجدت نفسي كاتباً للقصة القصيرة وللاحتجاج الوطني والاجتماعي معاً؟ لماذا غدت شخوصي مستقاة من المشاهدات والحكايات المروية والمواقف الحقيقية والرموز العربية ومن التجربة الحياتية بكل عفويتها في البدء؟

  لا أعرف لماذا وأنا طفل توجهت لقراءة سيرة عنترة بن شداد، فلماذا هذه الشخصية هي التي ظللت طفولتي، فرحت أقرأها واشاهدها على شاشة السينما القريبة من حينا؟

  هل مخاض التحدي المحيط، والحي الفقير المهموم بالحرائق والاستغلال، هو الذي يخلق جواً من البحث عن البطولة، واستبصار طرق الكفاح؟

  هل يلعب مخاض الشعب البسيط المستعبد الباحث عن حريته من الأسياد الخارجيين والداخليين، دوره في خلق مناخ جاذب للفتيان، ومحرضاً لهم على الالتحاق به، والإضافة فيه؟

هل يغدو واقع الأمة المفتتة التابعة، والتي تستعيد نهوضها وتفكك شبكة تبعيتها وإرثها، روحاً هائمة قوية فوق نفوس شبابها؟

  لا شك أن مناخ الخمسينيات الذي تشكلت طفولتنا فيه، والممتلئ بضجيج الإذاعات، وخبز المنشورات الساخن، والمعبأ بالمظاهرات، كان له دوره في الذهاب إلى رموز البطولة القصصية، سواءً كانت عنترة أم السندباد أم أولئك الأطفال اليتامى الذين يتلقون المساعدات من القوى السحرية.

لقد كان نمونا الدراسي والثقافي هو صراع ضد تركات المجتمع التقليدي، في عقد تخلص النخب الثقافية ~ السياسية من الأفكار العتيقة في الثقافة والسياسة، عقد تجاوز الأقصوصة الميلودرامية والإنشائية، والتلاحم مع مستويات الواقع، والتاريخ، عقد تجاوز أفق [الطبقة المتوسطة] على مستوى الممارسات الفكرية والإبداعية.

لا شك أن صعود ثقافة الشعب البسيط كان محصلة لتغير عالمي غامر، كان يدفق أدبياته ورموزه وخلاياه في الأحياء المأزومة.

  من هنا كانت أقصوصة رصد الواقع الفاقع، والتقاط ما هو طافح وبارز، وكشف مثالب [الأشرار] هي تعبير عن هذا المناخ الشعاري، أما البُنى الفنية السائدة فهي تعتمد على: التصوير الفوتوغرافي لنماذج بائسة، أو خلق بنية أولية لكشف التضادات الاجتماعية الحادة، واعتماد على اللمحات الخاطفة وعلى الرموز الأكثر حضوراً وديناميكية في الوعي العام كالنماذج الأسطورية والدينية..

  هنا تقترب الأقصوصة من وعي الخلية الشعبية، وتغدو على تماس فعال وساخن مع قارئ المرحلة المشحون، وتكون جزءً من المادة التحريضية، وذات صلة بالمقالة، رغم إنها بدأت تشكل بنيتها الأولية المستقلة عن ظاهرات الفن والوعي الأخرى.

  هكذا كانت ممارستي القصصية تأخذ من هذه الوشائج عبر سنوات 66 ~ 75، التي صنعت المجموعة القصصية الأولى «لحن الشتاء».

  تلعب البُنى المشهدية دوراً أساسياً في تشكيل الموقف القصصي في كل المجموعة، فالحدث يبدأ من أول كلمة، وتنبثق معه الشخوص الأجواء، التي ترتبط به ارتباطاً مباشراً عنيفاً.

  في قصة «الغرباء»، أول قصة في المجموعة، نقرأ:

   (صحوتُ من نومي على أثر رفسات في بطني. شاهدتُ ثلاثة أشخاص في المنزل. رجلان وامرأة. الرجل الكبير السن ضخم، متين البنية. راح يتكلم لغة أجهلها تماماً. اعتقدت في بادئ الأمر انه مجرد حلم. فما اكثر الأحلام التي أرى.

  جرني الرجلان من السرير!)، ص 5.

  في الصراع بين الراوي والغرباء نكتشف بوضوح الدلالة، فهي تجثم مع الحدث والشخصيات، مما يعطيها بعداً واحداً.

  في البنية الفنية المشدودة بقوة وانعكاس إلى الواقع، هناك أيضاً الومضات الحكائية والرموز التراثية، غير المبتعدة عن فخ الصراع السياسي.

2

 في الثالث والعشرين من أغسطس سنة 1975، مع حل البرلمان في البحرين، حدث لي ما حدث لبطل قصة «الغرباء» من اقتلاع وخطف وحرق كتب..

  في فترة الاعتقال هذه لا تسمع عن الناس من خلال الكتب، بل تقرأهم من خلال جلودهم المباشرة، وعبر الأنصال المحفورة في أجسادهم، والأخاديد التي تتكون في أرواحهم، وتغدو مسألة البطولة معرضة لامتحان عسير.

  لكن القراءة القصصية للبطولة تتم هنا في أجواء محمومة، وجماعية، ومضطربة، بحيث لا تستطيع الكتابة أن تنضج، وأظل على مدى سنة من التجريب العشوائي حائراً، وتبدو أدوات الكتابة من قراطيس السجائر وأوراق علب الصابون المجففة، مثل المادة نفسها عرضة للحرق والإخفاء والإلغاء، والقليل الباقي سوف يستقر في قلب معاجين الحلاقة!

  يمثل السجن مطرقة كبيرة لأدب الهتاف، فهو يعتمد على نشيد بطولي لم يمتحن. أما هنا فالمناضلون الذين يتحدون بمهربي المخدرات وبالمخبرين واللصوص، ويتعاونون معهم ضد رفاقهم، والمناضلون الذين هم مشغولون بفكرة السيطرة، أو الخوف، أو الانهيار، وأيضاً تلك القلة التي تجمع في أرواحها المعرفة والجراح والصمود، إن كل هؤلاء يدفعون الكتابة إلى ضوء جديد.

   فأما أن ينهار حلمه، مع تلقيه أخبار انهيار أسرته ولقراءته لكشوف الاعترافات وتقارير المحاكم الاستثنائية، أو أن يبحث عن أسس مختلفة قوية للفكرة.

  وبطبيعة الحال، كان هذا يحتاج إلى سنوات من تجميع مواد الظلمة والضوء.

  وفي السجن لا تستطيع أن تقرأ شيئاً من الأدب الجديد أو القديم، ولهذا مرت عليّ سنة كاملة في جزيرة السجن المسماة [جدة] دون إنتاج هام سوى قصة قصيرة واحدة هي «المغني والأميرة» أثارت الانتباه  حين نشرها في الخارج، وأثارت إدارة السجن ضدي فحصلت على وجبة ساخنة في زنزانة انفرادية.

  هذه القصة سقطت في أعماقي، وكان النحت اللغوي ~ التصويري فيها يرتكز على استغلال ثيمة حكاية تراثية، وشحن التعبير الغنائي بشعرية صادحة.

  والآن يبدو لي، بعد استرجاع التجربة، إن ثيمة التراث التي تدفقت في قصص أخرى عديدة، كانت إحدى الروافع لأبعاد القصة القصيرة عن البعد الواحد، والدلالات القريبة.

  لكن تدفق القصص الجديدة لم يتم في جزيرة السجن الساحرة ذات المناخ الرومانسي، حيث الصخور العملاقة والبساتين وامتداد الفضاء اللامحدود، وهدايا البحر الوفيرة، بل حدث في السجن العسكري التدريبي [سافرة]، حيث الزنازين غرف قديمة مهترئة، أو صناديق خشبية ضيقة لا تتسع حتى لشخصين عاشقين ! وحيث التدريبات العسكرية الصباحية لفرقة الشغب هي نباح مرعب، والموسيقى هي أزيز الرصاص الذي يستهدف التلال!

  هنا كان الإنتاج الأغنى والأكثر شاعرية. فهل كان ذلك بسبب وجبة الدجاج اليومية الأبدية المحروقة، أم بسبب الغرف المغلقة رهيبة الحرارة والتي لم تفتح إلا بالمعارك وبأحداث الشغب في معسكر مكافحة الشغب، أم عبر تراكم التجربة خلال هذه السنين، وبإغناء البنية الداخلية بوسائل فنية عديدة؟

  ألاحظ الآن وأنا أروي التجربة إن الطابع الروائي أخذ يشق طريقه عبر القصص القصيرة. في هذه السنوات راحت القصص ذات الفقرات المتعددة والمرقمة، ولم أضع عناوين جانبية، تزيح القصص القصيرة جداً والمكثفة، تاركة المساحة لنمو الشخوص والأحداث المتعددة والمتشابكة، فمثلاً قصة «علي بابا واللصوص» والتي ظهرت في مجموعة «الرمل والياسمين» التي صدرت فيما بعد عن طريق اتحاد الكتاب العرب سنة 1982 بدمشق، تحتوي على سبع فقرات كبيرة مرقمة، هي أشبه بفصول مكثفة، أو مثل قصة «شجرة الياسمين» التي تتكون من تسع فقرات كبيرة، كذلك قصة «المصباح» و«الصورة».

  ألاحظ الآن على هذه القصص القصيرة المطولة اعتماد البنية المشهدية المتنامية عبر المقاطع المتعددة، في شبكة من الأحداث والشخوص، مما يشير إلى بنية روائية مختزلة، أو مُضمرة.

  لم يكن ثمة رغبة في كتابة رواية، ولكن العديد من تلك القصص كانت تقود نحو بناء روائي، بسبب تعدد الشخوص ومحاور القصة ومستوياتها. فـ علي بابا، في تلك القصة السابقة، هو حارس لقصر الملك، وهو دائم الأحلام، وتأتي الأحلام على هيئة حكايات متعددة تكشف قصة المغارة التي تتجمع فيها ثروة المدينة، وكذلك قصة حي الأزهار الفقير الذي يعيش فيه علي بابا، والأطفال الذين يسخرون منه، ولكنه وهو الحارس للقصر، يجد أن حريقاً أندلع ودمر حي الأزهار..

  تتوجه هذه القصص إلى كشف عوالم الشخوص والبنى المحيطة بهم، وكلما اتسعت عملية التحليل، بدأ تاريخهم الماضي يفرض حضوره، والماضي بمستويين هما:

  العربي القومي برموزه، والمناطقي الجزيري بتاريخه وعلاقاته القريبة المؤثرة بصورة مباشرة.

  لهذا غدت القصة القصيرة لدي مقدمة للتجربة الروائية، أو هي استراحة فنية وتمارين بين روايتين، ومن هنا قادتني تلك القصص القصيرة المطولة إلى روايتي الأولى المعنونة باسم «اللآلئ».

  رواية «اللآلئ» هي تتويج لهذا المشوار القصصي القصير، ذي البنية المشهدية المتعددة الصراعية، الواقعة بين الحاضر والماضي والمستقبل، والمُحاطة بتضاريس المكان والزمان.

3

ما هي العلاقات بين القصة القصيرة والرواية لدي؟

  تظهر الرواية بقوة، عبر تجربتي، وتخفت القصة القصيرة، وتغدو محطات بحث فني واستثمار مختزل لمنجزات الرواية؟

  رغم الوشائج بين الفرعين في النوع الأدبي الواحد، بين هاتين الجارتين في عمارة القصة، إلا أن التباينات هامة بينهما، فرغم الاشتراك في علامات الحدث والشخصية والزمان والمكان، إلا أن الافتراق كان كبيراً وخفياً، ليس عبر كم الورق، ولكن عبر قوانين البناء.

  يبدو لي أن القصة القصيرة ذات علاقة باللوحة أو باللقطة، أو هي البنية المركزة التي قد تستدعي خيوطاً لا مرئية قوية مرتبطة برؤية الكاتب. إنها ذات علاقة بالتصوير، والنظرات الجزئية، ولكن الرواية ذات علاقة بالتاريخ والفلسفة، حيث هي تحويل لتلك البُنى المكثفة المتصاعدة إلى قراءة عميقة للواقع.

  وإذا كان ذلك يبدو مستحيلاً بدون دراية بسمات النوع الفني والسيطرة عليه، فإنه يبدو كذلك مستحيلاً بدون دراية بالتاريخ والفلسفة، فهما اللذان يضعان الرواية على أسس صلبة.

  لكن القصة القصيرة تأخذ شيئاً قليلاً من هذين العملين، أو قد لا تأخذ على الإطلاق، ولكن القصة القصيرة التي كتبتها تمردت على ذلك، راغبة في الإنشداد نحوهما، واكتشاف الأشياء.

  من هنا لم ترتبط القصة القصيرة لدي باللقطة المركزة المفصولة، وبتصوير النماذج البائسة من الفقراء، بل غدت هي قراءة للفعاليات الإنسانية في حضورها المتنوع. فأنا لا أصور رجلاً شحاذاً، وأجسد بؤسه الراهن، بل أبحث عن رموز الفعل، أي كيف لم يتحول الرجل إلى شحاذ.

  الآن وأنا  أقرأ ذلك وأستعيده وأفكر فيه، لم أكن أخطط لهذه المواصفات مُسبقاً، وأجد أن عشرات الشخوص في «لحن الشتاء» و«الرمل والياسمين»، وقبلهما وبعدهما، تتلمس بذور المقاومة في الأرض والروح، في السقوط والنهوض، خارج السحر وداخله، في الفقر والغنى. الخ..

  الفتاة في أقصوصة «الفتاة والأمير» تستغل السمكة السحرية للصعود من مستنقع الفقر.

  علي بابا الحارس للقصر الملكي السعيد يحلم بالثورة.

  الرسام في «شجرة الياسمين» التي تموت أخته عبر مرض خطير، يستعيدها باللوحة.

  في قصة «العوسج» من الرمل والياسمين، يحتضر المخبر [الثوري] ويتذكر تدميره للجماعة عبر استعادة لمرثية مالك بن الريب في احتضاره.

  وهذه الحالات المقاومة وسط تضاريس الدم والدموع والفرح، تنمو وتتجسد عبر شخوصها وحالاتها ورموزها، محولةً المقاومة إلى فعل موارب، ذائب عبر مادة الأشياء والحالات.

  ومن هنا فإن هذه الفكرة تبحث عن حالاتها ومثيلاتها ودرجات نموها في الماضي، مما يؤدي لاتساعها وتشابكها مع تضاريس المراحل التاريخية المختلفة.

  ولهذا أجد أن «الرمل والياسمين» التي كُتبت عبر سنوات السجن كلها [75 ~ 80] لم تكن تحمل هذه السمة فحسب، بل أن هذه السمة كانت تتجول عبر التاريخ، في مادة الخرافة، وفي عصر الخلافة، والمماليك الخ..

  قل بأن السجين، كان مثل الأمة المعتقلة، وقواها الحية، يبحث عن حريته وصناعها في الماضي والحاضر.

في قصة «لعبة الرمل» يطلب الوالي من السجين أن يجتاز الصحراء في الليل، وإذا استطاع أن يقبض على غصن أخضر قبل طلوع الشمس، فستكون له حريته، وإلا سوف يُقتل!

  إن روح المقاومة التي يبحث عنها القاصُ في المواد الخارجية يشكلها في روحه أولاً، ويتشابك معها، وينمو بها، وقد يهزمها فيصير قصه نثراً بارداً، وحالات من الصنعة المتقنة، فيغدو الغيم حيادياً، والمطر حالة موسمية، والأزقة فلكلوراً، والمراحل التاريخية الماضية فردوساً..

4

قبل أن تخرج من السجن يطلب منك الضابط أن تتحول إلى مخبر، قائلاً إن ذلك لا يعني الانقطاع عن [الانتماء] والكتابة!

  في هذا الفهم البوليسي ليس ثمة تضاد بين أن تشكل قصة وأن تكون مخبراً، وتغدو ثمار المعاناة والاكتشاف والصلابة مُشتراة بكمية من النقود والقهر، ولكن في حالة الرفض للطلب البوليسي فإنك مطالب بمواصلة جمع الثمار الحارقة من شجرة الحياة مُجدداً، فلن تكون الوظائف النادرة مفتوحة لك، وستحارب في عملك وسكنك.

كانت ثمرة الخروج في سنوات الثمانينيات الأولى كتاباً قصصياً ثالثاً، هو «يوم قائظ» نُشر بدار الفارابي سنة 1985.

  تبدو الأعمال في هذا الكتاب مضطربة نوعاً ما، قلقة، غاب عنها ذلك الزخم الشعري الواسع الذي تكاثر في المجموعة القصصية الثانية، وقلت تعددية الشخوص والأحداث، التي لجأت إلى الرواية، وغدت المشاهد أقصر وأكثف، ويجسد ذلك تنامي النوعين وافتراقهما، وتبدل ظروف الحياة والكتابة، فأجواء السجن أدعى للتأمل وإعادة الصياغة، في حين تقود ظروف الحرية والعمل والاشتغال في الصحافة إلى الاختزال والتعبير السريع.

لكن الأبطال الإيجابيين لم يختفوا من هذه المجموعة التي دخلت قيظاً وطنياً لاهباً، تمكنت فيه الجماعة المسيطرة من خلق عدة أوطان في الوطن الواحد، فوطن الأرستقراطية المميز قصور وفلل وتملك خرافي للنفط والأراضي والعمل المأجور الأجنبي، واستباحة للقوانين والدستور والعقل، وهناك وطن للناس العاملين المنقسمين طائفياً، والمشتتين، والواقعين في أسفل الهرم، والمذابين بشتى المهاجرين من شتى الأمم، وهناك وطن البورجوازية الكبيرة المتنعمة السائرة في ذيل الدولة.

  مثل هذا التكوين الاجتماعي المغاير لزمن ما قبل السجن، كان انتصاراً لتغييب الإرادة الوطنية، وهو بنية افتراسية للأدب الحر.

  وتقوم القصة القصيرة بالتقاط هذا الواقع المختلف، المضطرب بتجريب وبحث، وبالدخول في تفاصيله الجديدة، لأن اكتشاف البنية الاجتماعية قصصياً مسألة إبداعية.

  إن الشخصيات الإيجابية ممزقة، مشتتة، وإيجابياتهم الفردية تضيع وسط سلبية عامة، وسلبياتهم الخاصة تنمو وسط خراب روحي متصاعد.

  إن الشخصية المحورية في قصة «الدرب» من هذه المجموعة، عاملٌ هندي يموت أثناء إنشاء طريق في الصحراء، وهناك الرجل الذي يروي القصة، وهو زميل للعامل الهندي جوزيف، وهو يعمل معه في إنشاء الطريق الصحراوي بالإسفلت المشتعل، وهو رجل معذب آخر، والقصة لا تكتفي بمشهدية بناء الطريق، وهي المشهدية البؤرية الأساسية، التي تتخللها ذكريات واسترجاعات صغيرة وامضة لجوزيف وهو يعمل ليلاً أيضاً في البار، وهو يضرب، وللراوي أيضاً وهو يُخرس من قبل زوجته لئلا يحتج، والطابور يتحرك ويتغلغل في الصحراء..

  (نظرنا إلى بعضنا البعض، رجالٌ سود وصفر وبيض، أنبتتنا جبالٌ وانهار ومدن وصحارى والقانا التيار الصاخبُ في جدول ضيق..).

  مشهدية البؤرة تتداخل والاسترجاعات الثانوية لتصعدها، في الانفجار الداخلي بموت العامل الأجنبي، وبالصخب المتوقع لهذا الجمهور المُستلب، ليحل الصمتُ المؤلم في النهاية.

  إن الأبطال غير بطوليين، وتتشكل ثيمات الانقسام والتآكل الداخلي، والحلم، وتتفاقم الكوابيس والانشطارات، والشخوص والحالات تومض.

  في قصة «الجد» ترى العائلة كلها بأن الصبي، الشخصية المحورية في القصة، مريض، ويأخذه الجد في رحلة تتناثر فيها صورُ العائلة ومواقفها، ويظهر أن أفراد العائلة هم المرضى، وليس هذا الطفل الحزين عليهم.

5

كانت العلاقة الأولى التي نشأت لدي بين القصة القصيرة والرواية، هي أن الرواية كانت مضمرة في بعض بُنى الأقاصيص، كانت تمتحن وجودها وتكويناتها الأولية، ولهذا حدث ذلك الأتساع الكمي للقصة القصيرة. ولكن في عقد الثمانينيات أخذت الرواية المشهد الأساسي في التأليف فظهرت روايات عدة: «اللآلـئ» ~ «القرصان والمدينة» ~ «الهيرات» ~ «أغنية الماء والنار» ~ «مريم لا تعرف الحداد».

  كانت العناوين والموضوعات الوطنية تنمو على نحو واضح.

  ولم تعد القصة ببنيتها القصيرة قادرة على استيعاب التحليل الموسع للشخوص والأحداث. وإذا بدت الروايات كروايات قصيرة في هذا العقد فكأنها لا تزال تعيش مناخ القصة القصيرة، لكنها قصة اتسعت مشاهدها، وشخوصها، ودخلت في عالم تعددية الواقع وأصواته ومستوياته.

  ولكن هناك تداخل بين الجنسين، وأظن إن الرؤى الأساسية التي كانت في تلك القصص تعمقت وحصلت على بعض بذورها.

  في قصة «علي بابا واللصوص» ثمة مقاطع قرأتها عند إعداد هذه الورقة رأيت فيها كيف كانت بذرة لتكون رواية «أغنية الماء والنار»، حيث يجري الحارس علي بابا إلى واحة الأزهار ليجد غابة الأكواخ محترقة.

  وهذا مشهد حقيقي جرى في حينا. وأظن إن علي بابا قد تطور في الرواية ليصبح هو راشد، الذي كان يبيع الماء للأكواخ ثم قام بحرقها بناءً على علاقة مع مالكة البيوت تلك.

  إن شخصية المنتمي المنقسم، وصراعاته بين القوى المختلفة، كانت بذوراً في القصة القصيرة وغدت مساحة واسعة، وتكوينات بشرية متعددة، ومشاهد مستقاة من الواقع، والحدث العابر في القصة القصيرة صار هو المحور الروائي، سواء قبل تشكله أم بعد حدوثه.

6

مثل عقد التسعينيات استمراراً لتدفق الرواية، ومتابعة القصة القصيرة لها، وتقطعها بينها. فهناك خمس روايات وثلاث مجموعات قصصية على مدى هذا العقد.

  ولم تزل القصة القصيرة محملّة بثقل الشحن الحدثي والرمزي. فأي بؤرة قصصية لا تكتفي بذاتها، فهناك دائماً خيوط صغيرة مشدودة إلى آفاق لا مرئية.

  إن البنية المشهدية المتصاعدة لا تزال هي أساس التشكيل القصصي، لكنها مُحملة برموز وتداعيات مكثفة.

سوف آخذ فقط المجموعة القصصية الأولى في هذا العقد وهي «سهرة» الصادرة سنة 1994، فلقد ترنحت الشخوص الإيجابية وغدت أكثر ملموسية، وحاولت أن تكون أحفل بالصراعات الحقيقية، دون إذابتها في التفاصيل الثانوية.

  في قصة «الرمل والحجر» يقوم البدوي مظفر باقتحام خيمة عالم آثار لينتزع الحجر الأثري الثمين منه.

  ونجد البنية المشهدية باتجاهين، اتجاه كشف حياة العالم الغربي، واتجاه لكشف حياة مظفر، عبر الصراع بينهما، حيث يحاول الأول الاحتفاظ بالحجر، ويقوم الثاني بسرقته.

  إنهما نموذجان متضادان، فالعالم رجلٌ يعمل لكشف مدينة أثرية، وقد وجد الآن مفتاحها وبابها، وكان قد عانى طويلاً وفقد زوجته وشاخ في سبيل هذا الكشف.

  أما الآخر فقد قُتل أخوه بيد الأمير لأنه أحب جاريةً لديه، فقام مظفر بالثأر لأخيه، وأصبح مطارداً طوال سنين، فراح يسرق ليعيش.

  الرجلان يعبران عن تصادم غريب يمكنه أن يجمع تضادات جغرافية واجتماعية وثقافية.

  أظن إن القصة القصيرة بهذه الصورة تغدو مشحونة ومتوجهة لرصد مسارات تتجاوز الانعكاسية المباشرة والأرصاد الجوية اليومية.

  هل يؤدي ذلك إلى تراكب وتقد القصة القصيرة؟ هل يساعد التصوير الملموس على فهم الأبعاد الصراعية للحظة؟ وهل يؤدي هذا إلى تجاوز القصة القصيرة المحدودة أم إلى اختناقها؟

  إن كل هذه أسئلة مفتوحة للحوار.

 ولنأخذ قصة أخرى من نفس المجموعة هي «خميس»، إن القصة تُروى من خلال أسلوب الراوي، وهو ربان السفينة ومالكها.

  كان يمكن لأسلوب الراوي أن يزيل البُنية المشهدية، لأن تدفقات الراوي غالباً ما تكون حرة، إلا أن التجسد المتنامي ظل مستمراً واضعاً شخصية الراوي نفسه وخميس في علاقة فنية.

  خميس، الرجل الشعبي القوي والبسيط، يغير حياة الراوي تماماً، فسفينته الصغيرة ومدخوله الشحيح يتحولان بصورة طفرات، ويلعب خميس دور صانع الخوارق والتحولات المدهشة في حياة الربان، ففي أيام البحر يغمره باللآلئ، وفي أيام الكساد الغوص يكتشف الزيت.. ولكن الآلة تقطع ساقه ويزاح من عالم الربان الذي يحن إليه قليلاً..

  في هذه العلاقة الصراعية التعاونية، الواقعية السحرية، هناك نموذجان يصطدمان ويعبران عن مراحل وتوجهات متضادة.

— — — — — — — * محاضرة ألقيت في مهرجان الرباط الدولي بدعوة من اتحاد كتاب المغرب.

تجربتي في الرواية*

كانت عائلة صغيرة قد قدمت من بلدة بحرية (مدينة الحد) وسكنت مدينة المنامة في مجمع كبير للبيوت المصنوعة من سعف النخيل. فقدَ الأبُ ورثَ أجداده البحارة أصحاب السفن والغوص على اللؤلؤ والتجارة، وصار عاملاً زراعياً في شركة النفط، وبسبب هذا الانتقال إلى هذه المنطقة المليئة بالأحداث والجماعات السياسية وضعني والداي في بؤرة الصراع، والأب اشترى لي بعض السير الشعبية والأم قدمت لي الشعر العامي والأغاني، ثم رفضا ثمار هذا التحول.

فهي قبل أن تموت، وفي زمن عصف الشباب السياسي، وكانت الغرفة تمتلئ بدخان أوراق التقارير السياسية المحروقة، قالت لي أمي:

[دع عنك هذه الأوراق].

 كانت الأوراقُ كثيرة: كتبٌ ومجلاتٌ ومعها أصدقاء كثيرون، وخلايا في حارات المدينة، وثمة أحلام كبيرة بتغيير الوطن والعالم، ووقوفٌ صامدٌ طويل مرهق أمام عيون الطلبة في الصباح.

كانت أوراقٌ كثيرةٌ تحترقُ أو في طريقها للاحتراق ، فحين جاءت الشرطة في صبيحة يومٍ أغبر هو الثالث والعشرين من أغسطس 1975، يوم حل البرلمان في البحرين، أصر العريف على حمل كل كتبي عن التراث الإسلامي ونصوص الروايات وكتب الفكر إلى الجيب، فسألته وما دخل كتبي؟ لماذا تريد أن تأخذها هي الأخرى؟

معتقداً بأنني سأعود إلى هذا البيت الهادئ مرة أخرى، ولكن العاصفة أخذتني.

رفع العريف سماعة هاتف بيتي واتصل منها وجاء الأمر بحمل مئات الكتب من المنزل البسيط في حارة الفقراء! فيما بعد رأيتُ المحرقة عند بوابة قلعة المنامة، فكانت براميل سوداء لا تختلف عن أية براميل للحرق ، وفي خطوطها السوداء المتفحمة رأيتُ مصير الثقافة والرواية في عالمي!

في زمنِ تعليم الأطفال والأولاد تصعب الكتابة الأدبية، وفي زمن الطرد من مهنة التعليم بسبب الدعوة لإصلاحها ، والاشتغال في صحافة التحقيق المنتوف الريش والأظافر، تصعب الكتابة الإبداعية، فاللهث وراء اللقمة وكتابة حروف انعكاسية عن الأسعار والأكواخ، تمزقُ آخرَ ما بقي من رقة وخيال!

والآن أطبقتْ أسوارُ السجن، ووقفت القبضاتُ الصلدةُ على الباب ، فلا ترى العينُ سوى الجدران، أو الأصدقاء، ولا تسمع سوى شريط الماضي يتدفقُ صوراً، وكتلة الأحجار والقبضات مكونة من أجل أن تنتزع آخر ما بقي في رأسك من حلم، وآخر ما في روحك من حروف.

ولكن عليك أن تقرأ  سواء من مكتبة السجناء الفقيرة أم من جريدة تحصل عليها، والجريدة ليست سوى أوراق ملوثة عليك أن ترفعها من برميل الزبالة وتخبئها في فوطتك وأنت متجه لدورة المياه في الصباح البارد.

كلُ شيءٍ يدعوك للموت الثقافي، الصراخ والعلبة الأسمنتية الصغيرة ووجود الرفاق المستمر فوق رأسك، وغياب الشاي والهدوء والنساء.

لكن الكتابة في الظلام ممكنة، حين يختفي النورُ منذ العصر، يمكنك أن تخربش فوق الورق المعتم، وتملأ رأسكَ بالحبكات القصصية، التي تكبرُ كل يوم من اليوم السجني الطويل، تتعثرُ بالأرز اليابس، أو بشوربة العدس الأقرب للقيئ، أو بأشباح النسوة لكن الكتابة تنمو فوق الأرض الحقيقية ، تسحب الصواري من عند البحارة الذين غطسوهم موتى وهياكلَ خاليةً من المعنى في قعر الخليج، فتغدو الروايةُ الكبيرة المخططة في الرأس روايات عديدة.

كتبتُ روايات عدة على أوراق السجائر وعلب الصابون في السجن، مثل: الدرويش والذئاب، و لا مكان للصعلوك بين الملوك.. ورواية عن شهرزاد المسجونة بعد قصصها المثيرة للقلق، ولكنها كلها لم تنشر، كانت مليئةً بالخيال وخاليةً من العظم الإنساني، وشخوصها كأشباح تمشي في زمان بلا مكان، إذ تحدثت عن شخصيات تكون هاربةً منسحبة إلى أدغال ذاتية رمزية، وإذ ثارت تكون ثورتها مسيّسة صارخة. وهي بلا وطن معين، وبلا بشر منتمين إلى بنية موضوعية..

لكن في سنينك العجفاء الحجرية هذه قد تتصاعد إرادتك وقد تذبل. قد تحول ذكرياتك وعلب الصابون إلى نسيج من الكلمات، وقد تفقد إيمانك ودورك وتصبح كلماتك من أجل أناك فقط.

هذان طريقان من طرق عديدة قد رأيتها فيّ وفي الآخرين، والرواية تتشكلُ هنا كمحاولةٍ لهدم السياق النثري التبسيطي، ولهذا تزخرُ باصطناع أدوات تقنية لعدم الوقوع في سطوة الجدران والصراخ الليلي لأناشيد المعتقلين، ومن هنا تـُرفد بخيالٍ فسيح، تسمحُ به أيامُ وليالي الفراغ الطويلة، ومن جهة الدلالة  تقومُ بالانغراس في جذور الأرض لأن كل يوم هو لحظة ألم وأمل، خاصة أن أرواح السجناء الحية تتعفن أمامك. يصبح الماضي ملاذاً مهماً. فتنسجُ من ذكريات وقصص متشظيةٍ يرويها الأبُ عن زمنِ الغوص، ومن استدعاء لتاريخ الخليج بسفنه واحتفالاته وطقوس بحره، ومن كتب الخلايا الوطنية المليئة بروايات المقاومة، ومن أحاديث وموضوعات السياسيين والمؤرخين، ومن لفائف السجائر وخيوط العنكبوت الغازلة للرماد والتراب والحرير، ومن موت الأم المفاجئ السريع، فتطلع إشعاعاتٌ ويتشكل وميضٌ، وتتشكل الشخصية المأزومة المقاومة لب الحياة في قص من هذا النوع، وهكذا تظهر القصص القصيرة أما أن تكتب رواية فأي ورق هنا وأي دار نشر ستنشرها وأين الأقلام؟!

كذلك فإن للرواية نسيج حدثي وشخوصي كبير، متشابك، ومتنامٍ، والرواية في البحرين وقتذاك زمن أواخر السبعيينات  من القرن الماضي لم تظهر، فكيف ستظهر من السجن؟

كانت الجدران تحيطُ بنا، في الداخل والخارج، فذاكرة بشرنا ممسوحة من الملاحم، ولا يوجد لنا أرشيف إبداعي، وحتى تاريخ مسجل وقتذاك، ولهذا كان الأمر يتطلب الكتابة الروائية حقاً، ومن قعر تلك القفة الحجرية، في معسكر في الصحراء، في صندوق من الخشب معمي العينين، إلا من ثقوبٍ صغيرة تحددُ لك أشباحَ القادمين المفاجئين ، يمكنك أن تكتب روايتك الأولى على قراطيس السجائر. والروايةُ سواء كُتبت في قصر أم في مركز للإعدام في سافرة، فإنها لا بد أن تأخذ شهادتها الشرعية من بنائها.

 كانت الرواية الأولى التي نـُشرت لاحقاً باسم (اللآلئ) بها الشرارة التي بحثت عنها. هنا وقفتُ على أرضي، هنا تلفتتُ فوجدتُ وطني. رأيت أبي وخالي وأمي. رأيتُ السلاسلَ والأزهار والأساطير. إنها عن الربان المغامر، عن النوخذا القاسي الذي يؤخر سفينته بعد انتهاء موسم الغوص طمعاً في المزيد من اللؤلؤ الثمين يواجه بعاصفة مفاجئة تطيح بالسفينة على إحدى الجزر.

ليس عرض صراعات الغوص، وظلالها المعاصرة، هي فقط ما شدتني إلى تلك الشخوص التي ظهرت فجأة بل أيضاً اللغةَ المتشظية المنفجرة المتداخلة سرداً وحواراً والراجعة دائماً إلى الوراء بحثاً عن خيوط الشخوص وأسرار المكان. إنها عودة دائبة للزمن الخلفي كمحراث أساسي في شق تربة الحاضر أمام تطورات الصراع المشهدي المتفاقم باستمرار.

هذه اللغةُ التي أحببتُ أن ترافقني وأنا أعيدُ النظرَ الفني في تاريخ الخليج وزمنه الراهن، وأن لا تتوقف مسيرة الغواصين عند جزيرة النوارس الفارغة من التاريخ والبشر في [اللآلئ]، بل أن تمتدَ خيوطُ السرد من قلب البحر إلى الطوابق المتعددة المهدمة المتصارعة المتشكلة في روح الإنسان.

وأنا في السجن وفيما بعد في أحداث الحياة الحافلة وفي البطالة الطويلة وكتابات الصحافة، انشغلت  بالتقنية التي راحت تتهدم وتنبني بإيقاعات مضطربة، خائفاً دائماً من أن تأكلني التقارير ولغة الصراخ. كان الصراخ هو الانفجار النفسي والفني الوحيد الممكن في شريط حجري محاصر. كثيراً ما نصرخُ في الليل موقظين الصحراءَ العسكرية إلى فقداننا للهواء، خائفين أن نفقد الفن وخائفين أن نفقد اللغة والحياة فجأة، وهذا الشعور يدفعنا للمغامرات الفنية بأساس حيناً وبدون أساس حيناً آخر، فقد تشبعنا من مسامير الواقع وصدئه الكثيف في أعمال الانعكاس، ومن هنا أخذتُ في التركيب الشخوصي والحدثي وفي تعدد الرواة إلى درجة التداخل الشديد أحياناً كما في [القرصان والمدينة]، هذا العمل الذي أعدت النظرَ فيه في طبعة ما يسمى بالأعمال غيرالكاملة.

فشخصية المدرس المحورية لم تكن تروي لوحدها حدث خطف زوجته من قبل الفنان الكبير كامل، بل أن الربان المتهم بالقرصنة كان يروي كيف خان الثورة وسلم مراكبه للعدو.. روايتان على مستويين زمنيين مختلفين متداخلين.

وفي اللغة التي تغدو غايةً غير منفصلة عن المعمار، وفي الشخوص والأحداث المركبة وفي التكثيف تكونت أساسيات الرواية الأولى، اللآلئ، القرصان والمدينة، والهيرات (أي المغاصات)، وأغنية الماء والنار، وامرأة، والضباب،  وكان عليها أن تتغير مع تبدل حالة الكاتب وهو يخرج من العزلة.

حين جاءت الثمانينيات خرجتُ من بين الجدران، بأعمال قصصية وروائية مخزنة في علب الحلاقة، وكان عليها أن تخرجَ من بين السوائل عبر آلة كاتبة قديمة أخذت تشتغل فوق طاقتها، في بيت أبي الذي لم تعد فيه أمي موجودة لكن كثرت فيه الأوراق التي لم تكن تحبها. وقد كلمت أشباحها الكثيرة إنني لم أحرق الورق فقط. والوطن لم يعد هو الوطن فثمة أحياء أخليت من العقل واجتاحها جنونُ الدكاكين الأجنبية، وغدا فيها البشر حصالات متجولة. تعملقت الدولة وصارت حوتاً يبلع البشر ومال الناس والقيم  وصار بيع الروح هو الخيار الوحيد لتحصل على عمل ومسكن وصورة في الجرائد.

وهنا لا بد أن تعود لغةُ التواصل المباشرة وتنقطع استراحة المحارب الشعرية، ويعود القاص المنعزل إلى صحفي على أرض ملأى بالحطام وبفتات المناضلين وباستيلاء الماضي السحري والديني على الحاضر الضائع.

كنت أمشي نحو المجلة التي اشتغلتُ فيها أكتب تحقيقات، أركض نحو المزارع والأحياء، وأوقن أن مسألة الكتابة القصصية والروائية مستحيلة.

لا يزال النوخذا المهووس باللآلئ سابقاً وبالذهب والنفط والرقيق والآثار راهناً، والمغامر بحياة بحارته، لا يزال يمسكُ الدفةَ بين صخور العصر ونافورات النقود، وقد تحول إلى مجنون يبيع أرضه ونخله وبحارته وأبناءه لمن يدفع، وصار الواقع جملةً من الكوابيس، وغدت المقاومة نفسها انتحاراً أو جنوناً آخر..

لكن صحافة التحقيقات فتحت عيناي على الأدغال المتوارية وراء الشوارع الرئيسية حيث القرى والأزقة المثقلة، والتي انفجرت في صراعات دينية ضارية.

أكدت الانفجارات الدينية محدودية الرواية الواقعية، فذلك الحفر فوجئ بضخامة الموروث، وطلع ربانٌ آخر يريد قيادتنا للماضي، وتناولت رواياتي وروايات آخرين ما هو معاصر، وأنشدت للراهن والجزئي غالباً، في حين أن الدين وجذوره الموغلة في القدم غير مرئية بعمق في هذا الراهن المروي ونحن في غربة برواية محدودة القراء وبلغة صعبة وفي زمن أزمة الكتاب!

ولهذا رحتُ أقرأ مجدداً الإسلام والتاريخ العربي، وأعتزم أن أشكل رواية كبيرة عن الفتوحات الإسلامية، ولكن هذه القراءات أخذتني لبحث هذه الفترة وصراعاتها الاجتماعية وتياراتها الفكرية، حتى صارت عدة مجلدات عن تطور الوعي الفكري والفلسفي.

حينئذ غدت الصراعات الروحية تتجسد في أكثر من رواية معاصرة مثل رواية (الأقلف). وهي عن الطفل اليتيم المشرد الذي تتسع دائرة حيرته لتصل أطراف الدنيا المتباعدة فيصير الانتماء أما إلى الشرق أو إلى الغرب، إلى الإسلام أم إلى المسيحية؟ إلى الوطن أم إلى الاستعمار أم إلى الإنسانية؟

شدتْ دراستي الطويلة عن الوعي الديني أنظاراً، وغدت دائرة الحوار مع اتجاهات متعددة تتسع، فقد غدا الدين محور الوعي في هذه المرحلة الشائكة، وفي لحظة خاطفة غريبة: قلت لماذا لا تغدو الرموز الدينية مجالاً للرواية، وقد شدتني خاصة شخصية الحسين، وانقطعت عن ما كـُتب عن وجوده الحي، آخذاً رأسه المقطوع الدامي في رحلة روائية لم تؤخذ من قبل.

أما الضجة فقد حدثت على رواية (عمر بن الخطاب شهيداً) ثم (عثمان بن عفان شهيداً) اللتين منعتهما الرقابة في بلدي، وهما روايتان تبجلان كذلك رموز الإسلام لكنهما تتناولان الصراعات الحقيقية الدائرة وقتذاك.

 إن كتابة الرواية التاريخية عملية صعبة ليس بسبب الدخول لتجسيد الصراع الاجتماعي في ذلك الزمن التأسيسي المقدس للأمم الإسلامية، بل كذلك بسبب تصوير ما هو ملموس من أشياء ومناخات وأمكنة، فمعرفة النباتات والفواكه لا تنفصل عن وضع الشخصيات في تلك المواقف الدرامية والمأساوية للشخصيات العظيمة وهي تـُقتل في ذروة الانتصارات والانقسامات العميقة النارية تتصاعد بين صفوفها، لكن الرواية العربية وخاصة التاريخية لها مهمات خطرة يجب أن تنجزها وترافقها بحوث مفككة للوعي المتكلس المستمر.

هذه لمحاتٌ خاطفة عن تجربة بدأت عند شواطئ قصية للوطن العربي، ومبعدة عن التعليم والنشر، ثم راحت تتغلغل في جذوره وماضيه بحثاً عن تفكيك قيود أحاطت بنا كزنازنة هائلة، لا ينفع معها الصراخ بل التحليل العميق لبناها الغارقة في القرون الوسطى.

— — — — — — — * محاضرة ألقيت في مهرجان الرباط الدولي بدعوة من اتحاد كتاب المغرب.

مبدعٌ

يعمل الروائي البحريني الكبير الأستاذ عبدالله خليفة، بدأب وصبر، على ترسيخ تجربته الكتابية والإبداعية عموماً، بما يشكّل حالاً متميزة قلّ نظيرُها من الإخلاص والتفاني، من دون النظر إلى المكاسب الآنية والعاجلة، وبما يحافظ على ذاته المبدعة من الوقوع رهينةً لواقع كان ~ ولا يزال ~ شديد القسوة تجاه المبدعين الذين يحملون على كهولهم عبئًا شديدًا في خلق حال من التواصل بين المبدع من جانب ومجتمعه من جانبٍ ثانٍ.

هذا المبدع الذي تكرّس في أعماله على قراءة نماذج وشخوص من قاع المجتمع، ينتمي هو ~ بهمومه وأحلامه الإنسانية تجاه الآخرين ~ إلى الطبقات الاجتماعية المسحوقة نفسها التي عانت شظف العيش، وأحلام الأفكار. ودفع ضريبة ذلك كله سنواتٍ من عمره في المعتقل، دفاعًا عن آرائه وحريته في الالتزام. ومع خروجه من المعتقل، لم يعرف التراجع عن آرائه وأفكاره، وبقي مُصِراً على الانتماء إلى الهامش الاجتماعي نفسه الذي خرج منه. ولعلّنا من هذه البوابة، بالذّات، نفهم ونقرأ كتاباته عبر عموده اليومي في الزميلة «أخبار الخليج»، وبقية مشروعاته الفكرية التي يعمل عليها ضمن أوراق بحثية عدة قرأناها له، وليس آخرها ورقته التي قدّمها في أمسية أسرة الأدباء والكتّاب بتاريخ 27/12/2004 عن «الحركات التغييرية في التاريخ الإسلامي الأول».

ومع التأمل الجاد في نتاجات عبدالله خليفة، سنجد أنها تصل بين جهده الفكري وجهده الإبداعي عبر ثيمة «الهم الاجتماعي».. ولكن مع ضرورة الالتفات إلى جملة من الملاحظات التي ترد على أوراقه البحثية. ولنأخذ ورقته الأخيرة التي قدمها بأسرة الأدباء مثالاً على ذلك. فقد كانت ورقته وفية لمنهجية تلتزم بالطرح المادي كمعطىً أساسي في تحليل الوقائع والحوادث التاريخية. وهي منهجية على رغم أهميتها الشديدة في العرض والتناول، فإنها من المتوقع جداً، وقد حدث مثل ذلك كثيراً أن تغفل معطياتٍ أخرى ربما تفوق في أهميتها هذا المعطى، وهي ~ حتمًا ~ لن تقلّ عنه أهمية. ولعلّ الأفكار والقِيَم ~ وعلينا أن نتذكّر إخلاص المبدع «عبدالله خليفة» لأفكاره ونظام القيم الذي ينتمي إليه كان حاسماً في مساره الخاص، ويبقى حاسمًا لآخرين كانوا يشكّلون وجوداً شعبياً مهماً في لحظة تاريخية ~ تحظى في كثير من الأحيان بأهمية قصوى في كشف جوانب نموّ الحدث التاريخي، وخصوصاً إذا كان ينتمي إلى جبهةٍ معارضة للسلطة، سواء كانت سلطة فكر أو سلطة مال وامتيازات أو حكومة. هذا مع الالتفات إلى أنه لا يمكن إيجاد فاصل حاد بين الأفكار والقيم من جانب وبين سلطة المال أو الحكومة من جانب ثان. فتحدث اشتباكات كثيرة بينهما، لا يمكن أبداً تجاهلها حال تفسير الأحداث والحركات، وتطور الأفكار، ونموّ الشخوص التاريخيين. وهنا، علينا أن نعلم أننا واقعون في نطاق مأزوم بين الواقع والزيف التاريخي. وليس، ثَمَّ، تاريخٌ واحدٌ مستقرٌّ بل تواريخ تتسم بالتناقض الشديد. ويضاف إلى ذلك سؤالٌ أساسيٌّ يتوجّه إلى ضرورة تدقيق استخدام المصطلح. فما المقصود بالحركات التغييرية؟ وما المقصود بالتاريخ الإسلامي الأول؟ وهل لهذا التاريخ الإسلامي الأول أن يتجاوز فترة «الخلافة الراشدة» إلى العصر الأموي ثم العباسي؟ إلخ..

ويبقى أن كل هذه الملاحظات والإشكالات التي ترد على عمل عبدالله خليفة، لا تقلل من قيمة جهده البحثي، وهو جهدٌ يتسم بالرصانة والحرية في النظر، بعيدًا عن الارتهان لمسلّمات سابقة موروثة ومتعارف عليها. وهو، على أية حال، المبدِع الذي لم يعرف نتاجه تراجعًا ونكوصاً عن مبادئ وقيم وشخوص وحوادث لم ينفصل عنها قط .

إن الروائي والكاتب عبدالله خليفة نموذجٌ للمبدع الحر الذي أنجبته هذه الأرض الطيبة الولود، والمستحق للتكريم. وذلك أدنى ما يمكن أن يقال عن مبدع استمر أكثر من ثلاثة عقود متواصلة قابضًا على جمرة الفكر والإبداع..

ـ حسين السماهيجي: شاعر صوفي من البحرين

‏‏‏‏‏‏نصف موت أو حياة جديدة

قد يتساءل قارئ يتصفح الجريدة وهو في طريقه إلى عمله مبكراً، لماذا تنهال المقالات والأخبار بشكل مبالغ فيه حين يغيّب الموت كاتباً أو روائياً، أو مفكراً، أو شاعراً، أو غيره من المثقفين؟ ماذا يختلف موت هؤلاء جميعاً عن موت شخص عادي أمضى حياته بين العمل وبيت العائلة؟ هل موت المثقفين يختلف عن موت الناس العاديين، ولماذا يصبح منجز الكتّاب مهماً أكثر بعد موتهم؟

أسئلة لا يمكن الإجابة عنها سريعاً، كما لو أننا نجيب عن أسمائنا، أو أعمارنا، فللموت حكايته التي لن تتوقف، والكتابة سيرتها الغريبة، وللكتّاب هيبتهم العالية، وذلك كله يستدعي الوقوف طويلاً والتأمل بكل هذه المفردات الغامضة والواضحة معاً .

غيب الموت الروائي البحريني عبدالله خليفة، تاركاً خلفه سيلاً من الحبر الهادر على مئات الصفحات الخليجية والعربية، ومثيراً من جديد كل تلك التساؤلات التي مرت في بال القارئ المتجه إلى عمله باكراً، فالراحل قامة روائية عالية لها حضورها اللافت في المشهد البحريني والخليجي والعربي، صنعتها عشرات المؤلفات، ومئات المقالات الفكرية والنقدية والسياسية .

لا يختلف موت المثقفين عن موت سائر البشر، إلا أن موتهم يعني توقف مشروع أدبي أو فكري، أو شعري عن النمو، مشروع يمتد تاريخه إلى عشرات السنين، وهو ما يعني توقف مؤلفات كان من شأنها أن تحدث فعلاً جمالياً، أو تنقب عن عطب وتشير إليه، أو تكشف هوية ظلت غامضة، أو غيرها من أغراض الفعل الإبداعي الكتابي .

بموت الروائي عبدالله خليفة، الذي بات يعتبر عرّاب الرواية البحرينية، توقف مشروع هائل من الجرأة، والحفر العميق في الثقافة الخليجية، والتأصيل لمفرداتها، فهو أنتج علاقة مغايرة مع البحر، هذا التكوين الهائل الذي يمثل جزءاً من هوية المواطن الخليجي، وحلقة من تاريخه مع الجغرافيا، وتوقف عند إشكاليات لافتة في الثقافة الخليجية تم تكفيره على إثرها.

فما لا شك فيه أن عبدالله خليفة كان صوتاً متفرداً في الفضاء الثقافي الخليجي، وكانت له رؤاه وآراؤه المغايرة، إذ يقول في إحدى مقابلاته حول تطور الرواية الخليجية: «إن جيل الكتابة الروائية في الخليج لم يظهر سوى بعد إنجاز الثورات الوطنية في النصف الثاني من القرن العشرين»، من هنا، فإن معظم نتاجاته الروائية متجهة لقضايا اجتماعية تنموية، وقضايا التعسف الحكومي (الوطني) وجسد اختلاف الرؤى في طرق التنمية والتعبير عن معاناة النماذج الشعبية المسحوقة غالباً.

يبقى القول إنه إضافة إلى ما يمتاز به موت الكتاب عن غيرهم، فإنهم لا يموتون تماماً أو كأنهم يموتون حتى منتصف الموت، أو يحيون من جديد، فهم يتركون خلفهم عشرات المؤلفات التي تبقيهم أحياء في ذاكرة القراء، وهذا هو حال عبدالله خليفة الذي ترك للمكتبة العربية أكثر من خمسين كتاباً بين مجموعة قصصية، ورواية، ودراسة فكرية نقدية، ذلك إضافة إلى مئات المقالات التي نشرت في عشرات الصحف الخليجية والعربية .

ـ محمد أبوعرب: شاعر وصحفي اردني

عبدالله خليفة.. كي لا يُدفن مرتين !

في الحادي والعشرين من أكتوبر 2014، خسرت الساحة الثقافية والأدبية والسياسية والصحافية, البحرين ومنطقة الخليج عموماً واحداً من أبرز روائييها, كتابها الصحافيين, باحثيها الجادين, مثقفيها النقيين ومبدعيها الذين انحازوا لنصرة المعذبيين على البحر واليابسة, ودفع ضريبة مواقفه وعشقه للحرية والتنويروالانتماء الوطني, هذا الانسان اسمه عبدالله علي خليفة البوفلاسة.

عاش حراً ومات حراً.. مات ولم يملك شيئاً غير مؤلفاته الغزيرة، ولكنه عاش ولم يتملكه أحد أو يجيره، ألف أكثر من 50 مؤلفاً بين رواية ودراسة وبحثاً نقدياً في الأدب، كانت له كتابة يومية  للرأي في ‹الافق› وتحقيقات صحافية ميدانية وكان مسؤولاً عن تحرير الصفحات الثقافية.. بعد وفاته لا زالت تحت الطبع ثمان روايات جديدة لم تطبع بعد من بينها رواية ‹رسائل جمال عبدالناصر السرية› ورواية ‹ابن السيد› و‹خليج الأرواح الضائعة› بالإضافة إلي الجزء الرابع من سفره الفكري الكبير: ‹الاتجاهات المثالية في الفلسفة العربية الإسلامية› تحت عنوان ‹تطور الفكر العربي الحديث› وكلها تنتظر الولادة.

حتى آخر يوم في حياته كان يقرأ بنهم ويكتب بغزارة، فكانت آخر قراءاته رواية ‹وجهان لحواء› وجدها شقيقه عيسى بالقرب من وسادته وبين اورقها رشوتات  المستشفى وعشرة دنانير، هذه الرواية الأخيرة التي قرأها من تأليف ‹أمريتا بريتام› واحدة من ضمن سلسلة ‹إبداعات عالمية› للعدد رقم 326 من هذه الإصدارات التي ينشرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآدب الكويتي. آخر ما خط به قلمه في دفتر مذكراته كلمات توديعية  مؤثرة قال فيها: تأتي الريح وتقذفه بعيداً بين أشجار العصافير وأجنحة النسور.. يمضي مع ورق الشجر المتطاير من الصخور وثلل بشرية خريفية تتساقط في المدن.. يشق طريقه تترامي قراطيس كثيفة له في الأزقة.

في البناية الرثة (…) كلمة غير واضحة. ربما قصد بها ‹أشاهد› الحمامات، تعيش في الشقوق وتتزاوج (يتحث عن الشقة العتيقة التي سكنها طيلة  21عاماً والمبنى المقابل لشقته حيث كانت الشقوق محاكر للحمام)

يخبرنا في أخر كتاباته: ‹أخوه يحيط به مثل الشجرة. من أصابعه يظهر الحليب والبيض وأصوات المعادن. (الاواني).

الآله تطلقه في الفضاء.. ومليون  دوار، الشارع مغلق.›. (يتحدث عن شقيقه عيسى الذي كان جليسه الوحيد في الشقة العتيقة حتى آخر أيامه ويقوم بخدمته).

كتب الروائي اليساري الراحل عبدالله خليفة هذه الكلمات الأخيرة بخط يده وهو يحتضر  قبل يوم أو يومين من رحيله على ما يبدو، واضح من ارتجاف قلمه في يده وتباعد الحروف، لكنه أبي إلا ان يكتب آخر الحروف بوداع حزين يختزل شذرات حياته بالعطاء الأدبي والفكري والنضالي التاريخي الدائم بعد ان أضناه مرض العضال الذي نتشر في جسده ولكنه لم يستسلم له حتى آخر دقيقة من عمره.

هذا الإنسان الرائع والمبدع والنقي الإيديولوجي. بالمناسبة كان عبدالله حين يمتدح شخصاً من رفاقة ومحبيه بم يكن بين الحضور لا يقول ‹هذا الرجل› بل ‹هذا الإنسان› بما فيها من دلالة لا شوفينية ولا قومية ولا أو عقائدية، كان يكتب القصة القصيرة والرواية منذ أواخر الستينات حتى غدت مؤلفاته في النقد الأدبي والرواية وقضايا الفكر أبرز كتاب الخليج قاطبة غؤارة ومضمونا، لكنه وللأسف لم ينل التكريم اللائق من دولته، ومن يقرأ روايته: ‹ذهب مع النفط› ويتمعن في سطورها وتحطيم المثقف يعرف السبب، ومن يقرأ رواية: ‹أغنية الماء والنار› وراية ‹امرأة› و‹الينابيع› ملحمة الملاحم و‹لحن الشتاء› إلي أخره…

فقدنا عبدالله الذي كان شعلة نضال وبرفقته تعرف إنه صفحة للبياض الأول وإنساناً يجاهد الوقت والنسيان، فلا تنسوه مثلي!… لك الخلد أيها الرفيق الصديق النقي الطاهر.

أن تكتب الأدب في السجن

عند التفكير بالكتابة عن أدب السجون في البحرين، لا يستطيع أحد تجاوز الروائي والمناضل الراحل عبدالله خليفة وآخرين من شعراء وأدباء وأيضاً نحاتون وضعوا بصماتهم على صخور معتقل جزيرة جدا آنذاك.. ما هي ابتكاراتهم لتحقيق هذا المنجز الإبداعي أو ذاك، وكيف يواجهون الأخطار للحفاظ وتأمين ما أنجزوه حتى يخرج من الظلمات إلى النور.. من السجن إلى خارجة بعيداً عن أعيّن الشرطة؟

عبدالله خليفة واحد من هؤلاء، كيف كان يكتب قصصه ورواياته ودراساته النقدية في الأدب والفكر خلف القضبان؟..

على أية ورق يكتب، في حين يمنعه السجان التزوّد بالورق وحتى بدفتر مذكرات، وبأي قلم يكتب والأقلام ممنوعة على المعتقلين وسجناء الرأي والضمير حتى لو كان قلم رصاص طوله أصبع لكتابة خواطره فترة التغييب القسري؟.. كيف كانت تُهرّب هذه الكتابات من داخل السجن إلى خارجه لتطبع على ورق مصقول وتتلاقفها الأيدي سراً خلسة عن الرقيب؟.

من الروايات والقصص التي تمّ تهريبها من السجن إلى خارجه طيلة فترة اعتقال عبدالله خليفة الذي استمرَّ ست سنوات منذ الهجمة على الوطنيين بعد حل المجلس الوطني في العام 1975 حتى أفرج عنه في العام 1980 والتي كُتِبَتْ على رقائق غلاف عُلب السجائر: روايات «اللآلئ» و«القرصان والمدينة» و «الدرويش والذئاب»، وهذه الأخيرة لم تنشر بعد، إضافة إلى قصص قصيرة حوتها فيما بعد مجموعة «الرمل والياسمين».

يروي أحد رفاقه الذين عايشوه حرارة الأوضاع في السجن، كيف كانت المعاناة لتوفير قلم وأوراق، كنا لا نرمي الأكياس ولا عُلب السجائر وننقل قلم «البنسل» ~ قلم الرصاص، والاسم الحركي المتعارف عليه بيننا: «حمبوص» من زنزانة لأخرى عبر مخابئ في حمامات السجن الذي نقضي فيه حاجاتنا، نلتقط الإشارات البعيدة عن أعين الرقيب والشرطة. وأحيانا بمساعدة شرطة متعاونين ومتعاطفين مع مظلوميتنا لتأمين الورق والأقلام للمبدعين ومن بينهم الراحل الرفيق عبدالله خليفة الذي كان غزير الإنتاج الإبداعي، نهم في القراءة، له عالمه الخاص، كتُوم، قليل الكلام كثير العمل والاجتهاد ويطلق النكات أحياناً، يلتقط العابر ليوظفه في رواية أو قصة.

ما أن يتم توفير بعض الأوراق وجمعها من زنزانة وأخرى حتى يقضي عبدالله عليها، وفي اليوم التالي يطلب المزيد وقلم رصاص آخر حتى أطلق عليه لقب أكبر مستهلك في السجن للورق والأقلام، وأي ورق وأي أقلام، الآن فهمنا، كيف استطاع هذا المبدع والمفكر أن ينتج أكثر من خمسين مؤلفاً، بين رواية وقصة قصيرة وكتب نقدية في الأدب وأربعة أجزاء من كتابه الضخم: «الاتجاهات المثالية في الفلسفة  العربية الإسلامية»، وخلال عام من مرضه العضال لم يتوقف عن الكتابة ولديه 15 رواية لم تطبع بعد إضافة إلى 13 رواية لم ينته من كتابة كامل فصولها و بأحجام مختلفة.

أثناء المقابلات في السجن مع عبدالله خليفة يتقصد شقيقة عيسى بوضع قلم في جيبه الأمامي بشكل لافت ويتربص فرصة مغافلة الرقيب لتهريبه له.

في إحدى المقابلات جلس عيسى في مقابله وجهاً لوجه، بينما والده وشقيقته جلسا على جانبيه، الأيسر والأيمن، كانت عيناه وهو يتحدث إلينا تمعن بحركات تمويهية على القلم وأكاد أرى لعابه يسيل مثل جائع يرى أمامه وجبة دسمة يريد التهامها، يقول عيسى، في ذلك اللقاء حدث شيئاً طريفاً، حيث كان يراقبنا الضابط راشد عبدالرحمن، خرج ثوانٍ لظرف ما لا نعرفه، أغلق الباب وراءه، فقام عبدالله بفتح جورابه ومدَّ رجله أمامي. في إشارة لوضع القلم في فتحة الجوراب، تداركت ببديهية لما كان يريد، فوضعت القلم وكان له ما أراد، أسند ظهره إلى الكرسي وعاد للحديث معنا بارتياح شديد وكأن شيئاً لم يكن.

شقيقه عيسى، لا يزال يتذكر.. كان قلم حبر جاف، ماركة «باركر» من أجود أنواع الماركات آنذاك، وكان ذلك في النصف الثاني من سبعينات القرن الماضي.

كان عبدالله يكتب نصوصه الأدبية ورسائله التي تصلنا بقلم الرصاص، وفيما بعد يستخدم قلم الحبر الجاف، وأدركت من خلال نصوصه الأدبية الجديدة أن عملية تهريب «الباركر» في جورابه بالرجل اليسرى قد نجحت، فها هو يخط بذاك القلم الذي وضعته بيدي في جورابه.. اجتاحتني فرحة كبيرة وتمنيت أن يسقط مطراً لأمشي تحته كي يُبللني.

«تفخيخ» برواية «اللآلئ»

علم رفاق (ع ج س) قرب الإفراج عنه خلال أيام ففكروا كيف يهربون معه رواية «اللآلئ» لعبدالله خليفة ونصوص للصحافي إبراهيم بشمي، قال له أحدهم في يوم الإفراج سنهدي لك بنطلوناً من بنطلوناتنا ذات الجودة بدل بنطلونك «الكحيان» هذا، لتقابل أهلك بهندام نظيف، تبادل معهم الابتسامات البريئة دون علمه بخططهم في تهريب «أوراق ممنوعة» من داخل السجن إلى خارجه.

قبل أيام من مقابلة إدارة السجن للإفراج عنه كانوا يخيطون الأوراق الصغيرة في البنطلون الهديّة، رزم من الأوراق، كل فصل من فصول الرواية بجانبه فصل آخر يخاط بإتقان يُبعد الشبهات.

تزامن موعد الإفراج عن (ع ~ ج) مع الانتهاء من «تفخيخ» بنطاله بالنصوص الأدبية، أعطوه رسائل شفوية للقاء شخص ما بالبنطال ذاته كشفرة متفق عليها، وعند وصوله المنزل اكتشف تلغيم بنطاله برواية «اللآلئ» لعبدالله خليفة ونصوص بشمي.. فسلم الأمانة إلى أصحابها وكان يضحك على نفسه لعلمه متأخراً عن هدية الإفراج من رفاقه الذين غادرهم إلى فضاء الحرية وهم لازالوا خلف القضبان.

ـ أحمد البوسطة: صحفي من البحرين