ساعد أمي البض يتلألأ في المقعد الأمامي ، وشعرها الكث الأسود، ووجهها المتوردُ، لوحتي الجميلة الحبيبة .
أتعلقُ بها وأنا في المقعد الخلفي ، أقبلُ زندَها المضيء ، فتدفعني صائحةً ، غاضبة. أحشرُ أختي في زاوية المقعد لتصرخ هي بدورها . فتتطلع إليّ أمي من المرآة الأمامية الصغيرة ، لتبدو عيناها الواسعتان المكحولتان تتأججان بالجمال والغضب: «ألا تكف يا عفريت ؟».
حين تقفُ السيارةُ أمام المتجر ، وتنزلُ أمي جارة عباءتها بيدها ، لتضعها بسرعةٍ على كتفها ، تتدلى رؤوس الرجال من فوق أكتافهم ، وتطلعُ ألسنتهم من حلوقهم ، ويدرك بعضهم حاجته إلى السلع ، ويحدقُ بعضهم إلى الزجاج .
يصيبني الهم والغمُ ، أرفع يدي في وجوههم ، أغمغمُ بشتائم عنيفة تهدرُ داخلي وتتحطم على الزجاج وفي الهواء .
أفتحُ البابَ ، واركضُ إليها ، أتعلقُ بساقها ، أو أحمل كيساً يحني قامتي ، أتطلعُ إلى الرجال حانقاً ، لكنها لا تلتفتُ إلى أحد ، تجمعُ البضائع وقطعَ النقد الصغيرة والصمت .
ღდღ
هذه هي روحي تخرجُ مني وأنا أرى سهراتهم الغريبة . هل يمكن أن يكونَ هذا أبي ؟
صالةٌ واسعةٌ ، وطاولة كبيرة فوقها أطباقٌ مفعمة بالروائح الخلابة المثيرة ، وزجاجات ملونات غريبة ، تتدفقُ منها سوائلٌ مزعجة قاتلة في الكؤوس ، وأبي يقدمها إلى أمي وضيفه ، الذي يضع يده على كتف أمي ويقهقه ، ويقبل خدها ، وأبي يثرثر معه على الكرسي المقابل ، بدلاً من أن يحطم رأسه الكبيرة الصلعاء المشوهة ، بقعر الزجاجة !
ثم يتثاءب أبي ، ويغمغمُ بشيءٍ ما ، وينسحبُ من القاعة متوجهاً إلى غرفة نومه . أتزلزلُ في موقعي خلف باب غرفتي ، أودُ أن أصرخ ، والرجلُ الأصلع دفن رأسه في صدر أمي ، وهي ألقت بنفسها على الكرسي ، دون أن تتفوه بكلمة !
توقظني من الصباح الباكر ، تدغدغُ صدري بأصابعها ، وأشمُ روائحَ غريبة مثيرة ، لكن وجهها لم أعد أراه . تحاولُ أن تجذبَ عيني بدون جدوى . تريدُ أن توصلني إلى المدرسة ، لكن قدمي الرقيقتين ، وساقي العودين ، تحملني إلى المبنى المليء بالأولاد الساخرين مني .
اتجمدُ في ركني ، اصمتُ طوال الوقت ، والسبورة شاشة ليل كئيب تضيءُ فيها زجاجاتٌ وألوانٌ ورؤوسٌ باروكية وهدايا من الخواتم الذهب والمزهريات الرقيقة الشفافة.
ღდღ
امتلئ بالعرق والبخار الساخن ، أمسكُ سريري بأظافري ، ثمة أطيافٌ من النار تتراقصُ حولي . جسدي يدغدغهُ ثعبانٌ كبير ، وأنا أركضُ في العتمة والضباب والعواء ، أعبرُ مستنقعاتٍ من جمرٍ وضفادع وفحيحِ رجال .
اتقلبُ على الفراش ، أودُ أن أعبر تلك الظهيرة المشتعلة ، أن أتخلصَ من جسمي ، وأذوبَ ، أقفز هذا البيت ، وصراخ الرجال في القاعة ، ضحكات أمي التي تفتقُ ضلوعي ، أصيرُ فراشةً في حقلٍ ، أو ناسكاً في كهف ، أموت ، أتحولُ إلى ظلامٍ أبدي ، أرفرفُ نحو السماء ملاكاً .
الحرارةُ تزدادُ ، جسدي يهربُ مني ، الفراشُ كلهُ ماءٌ ، أصرخُ ، أصرخُ بأعلى صوتي، والغرفةُ المظلمة تفتحُ على نور ، وجسد من ياسمين وثلج ، تضمني إلى صدرها ، تلتقطُ تلك الجمرات من كبدي ، تتوغلُ أصابعها الباردة في قلبي . لو أننا نرحلُ بعيداً!
أي غابة من فل وظلمات تغطيني ؟ البيتُ يسترجعُ عروقه من الزجاجات المنتفخة بالصرخات والشهوات، وجسدي يستوقفُ أمي عن الغابة القاعة .
لا تزال الأشباحُ الصفراءُ تطاردني ، والعرقُ الغزيرُ خيوطٌ من اللذة الغريبة ، والحمى صديقة لطيفة في جلدي ، لكن أمي تغادرني إلى نداء أبي ، والبيتُ كله مظلم ، وثمة رجلٌ يضحكُ ويشعلُ الجدران .
ღდღ
غادرنا أبي فجأة ، قبلنا أنا وأختي على عتبة الباب ، وتطلعَ إلينا بعمق وغرابةٍ ، وهمس «وداعاً!». ركضتُ نحو السيارة ، ضربتُ بابه بقبضتي ، ولكنه غاب وذاب.
جاءَ رجالٌ غرباءٌ ، وفتحوا أوراقاً رنحّت أمي على الأرض . كنتُ أرى سريري وألعابي تشحن في سيارة كبيرة . لم يتزحزح الرجال عن فكِ أصابعي عن الأشياء . صراخي عند الثلاجة ، لم يحدث أثراً .
كان البيتُ فارغاً ، ثم سارت بنا أمي خارجةً أيضاً ، لنقبع في غرفةٍ كبيرة موحشة ، كان سقفه يهتزُ من الهواء ، وينتفخُ بالمطر ، لنضع أوانٍ تلاحقُ قطراته العجلى المجنونة .
الجوعُ يقطعُ دواخلَنا ، وارجلنا تضطربُ فوق درجات العمارة الملتفة ، وبين أكوامِ القذارة والأطفال الصارخين وأحذية الأجانب الكثيفة .
تنتزعُ أمي ثياباً جميلة ، تزيح طبقات الصمت والحزن ، تفجرُ وجهها بأقواسٍ من الضياء والربيع ، ويبدو جسدها الملتف بعباءةٍ سوداء زاهية ، كصفعةٍ للعمارة الكئيبة .
الحليبُ الذي تجلبهُ لا أتذوقه ، السيارة الرائعة التي تقفُ تحت الشقق الرثة ، لا أدخلها، جسدي يذوي ، وهي تضعُ اللقمات بقوة في فمي ، ألبس الثياب المرقعة وأهربُ من بدلاتها الملونة ، أتحملُ هزءَ التلاميذ وأغوصُ في الحروف ، أقرأ القرآن وأبكي ، أدخلُ داخلي وأرحل ، لا شيء في روحي ، سوى أوجه مكفهرة وجداول من وحلٍ ، محنط فوق الثياب والقمامة والأحذية الكثيرة .
سأهربُ من هنا ، سأتركها ، بل أنتزعُ أختي ، واجري بها نحو مدينةٍ أخرى ، سأعملُ، سأكنسُ الشوارعَ ، سأغسلُ الملابس والصحون . .
أترنحُ فوق الأرض ، يبللني عرقٌ كثيف ، أتحشرجُ باحثاً عن نفثة هواء ، يحيطني غرباءُ العمارة ويحجزون الضوء والمَلَّاك .
ღდღ
هذا بيتها الجديد الشامخ الآن ، فيلا وأشجار وأثاث ناعم ، وقاعة فسيحة ، وليال مليئة بالعطر والهمسات وقرع الكؤوس . وثمة رجال متأنقون ، هائدون ، يثرثرون بنعومة في أول المساء ، يتداخلون مع النساء ، يتراقصون كالثعابين الملتفة ، يحمحمون ، يطلقون صرخات الزجاجات وزبدها الطائش ، يزيحون المعاطف وأربطة العنق والعقل ، يتداخلون ، يصرخون ، تهتز الأرضُ بقرقعات أحذيتهم ، وتنطلقُ الموسيقى حيات من صناديقها المعتمة ، وتهدأ الأضواءُ ، لنسمع تأوهات في الحديقة، ونرى أقداماً راكضة نحو السيارات أو الأشجار ، وأحياناً تنفجرُ خدودٌ من صفعات حانقةٍ ، ويتعرى المنزلُ من ملابسهِ وأقنعته ، وكأنه دغلٌ يضجُ بالنداءات الوحشية .
أنا وأختي ننعزلُ في شقٍ بعيد من المنزل ، نمعنُ في صلواتنا الهادئة ، أنزلُ رأسها عن النافذة الفاضحة ، وأسدُ أذنيها عن الموسيقى الصاعقة ، لكن الجدران تتزلزلُ ، وكأن الجمعَ الغفير اللاهي يمدُ شوكاته في حلوقنا ، ينتزعُ الأبوابَ ويرقصُ عارياً أمامنا ، أنهضُ حانقاً ، غاضباً ، وأنفجرُ في القاعة الرقيقة الأضواء ، كأنني أحطمُ حاجزاً من الزجاج الشفاف .
يتطلعون إليّ بذعر ينقلب إلى ضحك . يتطلعون إلى ثوبي القصير ، ولحيتي الكثة ، ويزعقون:
- ماذا يفعل هذا الغوريلا هنا ؟
لا أستطيع أن أزحزحَ واحداً من مقعدهِ ، أو أحطم زجاجة ، فعيونها الشرسة تحيطني بزنارٍ من نار ، لكنني في هذه الليلة ، اندفعتُ بقوةٍ نحو الطاولة المثقلة بالزجاجات والكؤوس والشهوات ، وأزحتها عن الأفق .
كانت تصطكُ مع بعضها البعض ، وتتأوهُ ، ثم جاءت فرقعتها المشتركة المدوية كأصنامٍ تتحطمُ معاً .
ღდღ
اختي ورائي وليس لنا سوى كومة صغيرة من الملابس . نداءات أمي المنفجرة لم توقفنا عن التوغل في الليل المبهم البهيمي ، لكن كانت النجومُ تزفنا إلى فجر أبيض وإلى مأذنة يصل صوتها إلى السماء .
غرفة أخرى صغيرة ولا ثلاجة أو هواء ، ظلمة خانقة ، وجدران كالحة ، وقيظٌ يفتت الحصى ويجعلُ المروحة تئن ، ولكن الدرب انفتح لضياء عميق ، كأنه ملائكة يهبطون من الأعالي ، وينثرون أزهاراً من ثلج ومحبة .
كانت أمي تخنقني في أحلامي ، تضعُ وسادة من مسامير وخفافيش على وجهي ، وتسحبُ أختي من يدي ، أصرخُ ، أرفسها ، أطعنها بسكين المطبخ ، لكن النصلَ لا يتغلغل في صدرها ، واسمعها تقهقه . أرى أختي تفرُ إلى ساحتها المضاءة بالمصابيح والرجال البيض الملونين وبالزجاجات التي صارت بالونات ضخمة ، تسبحُ أختي في مائها الواسع ، ليغدو جثثاً طافحة وأيدٍ ، وأنهضُ زاعقاً ، لأجد أختي نائمة قربي .
أبحثُ في متاعها ، أجدُ «روجاً» كانت تخفيه في قعر الحقيبة . أوقظها ، تــُذعر ، أصبغُ وجهها بالروج، وكأني أحفر بالدم ، كأني أكتبُ بالنصل غير المثلوم .
كانت تصيحُ:
- أرحمني يا أخي !
سددت النوافذَ بقطعٍ سميكة من الخشب ، أغلقت عليها الغرفة ، جثمتُ في الخارج خائفاً أن تستطيع التسلل ، بشكلٍ ما ، من المكان.
مشيتُ في الأزقة بحثاً عن رجلٍ ما يتزوجها . لم يرض أحدٌ بها .
انحنيت على يد الشيخ أقبلها وأبكي . كان المسجد خالياً من المصلين . راح الشيخ العجوزُ يربت على رأسي ، ويتساءل:
- لماذا تعذبُ نفسك يا ولدي ؟
- أمي . . أمي . . يا سيدي . . عارها يلاحقني في كلِ مكان . لم أعد أنام . لم أعد آكل ، وأختي قد تصيرُ مثلها . . حينئذٍ سأقتلها وأقتلُ نفسي . . أرحني أيها الشيخ !
- كفْ عن تعذيب نفسك وأمرح في الحياة !
أتطلع إليه مذهولاً . ألم يكن ضيفاً ذات مساء عند أمي ؟ ! لماذا يمتلئ وجهه بزيتٍ مضيء ، وترتجفُ عروقهُ بسعادةٍ مريبة ؟ ألا يعيش في بيتٍ كبير ، ويحب الغناء ، ويثرثر في المقاهي ؟
اركضُ مفزوعاً إلى أختي . قد تكون هربت ، أو ساعدها رجلٌ ما في اقتلاع خشب النافذة واختفت معه في منزله . أجري ، أنفض المارة من دربي المفزوع ، المترب ، وأجدُ الحجرة مغلقة ، ورائحتها عطنه لم تفتح .
وجهُ أختي أصفـر ، مثلثُ العظام ، وخيطها المربوط بالسرير لم يــُقطع . أفكها وأضاحكها ، وأضعُ أمامها الأكلَ . لكنها لا تأكل . تتطلعُ إليّ من كهفين بعيدين . تهمسُ:
- أريدُ أن أرى أمي !
أفاجئ ، أُذعر:
- ماذا ؟ تريدين أن تكوني معها ، تصيرين مثلها ؟ !
أرفسها بقوةٍ فتتدحرجُ إلى الحائط . أصفعها . فأرى خيطاً من الدم يتوهجُ على جبينها. أضمها إلى قلبي . أبكي .
- أصفحي عني ، أرجوك !
ღდღ
لا بد كي أنهي أحلامي المخيفة ، وأنام ، وآكل ، وأضمُ أختي بحنان ، أن أفعل شيئاً ما ، لتلك المرأة .
أدورُ حول فيلتها الكبيرة المضيئة ، ولم تزل قعقعات الزجاجات والأغاني والقبل تدوي في الفضاء الرحب الفارغ الصامت . السياراتُ الفارهة تحيطُ بالمنزل كالذباب يقبعُ حول جثة نتنة .
صفيحة الكيروسين التي أحملها قد تنقذني من كلِ شيء ، تندلعُ النارُ فجأة ، وتبقبق في السيارات ، وتندفعُ إلى الأشجار والجدران والأثاث ، ويندفعُ الجمعُ اللاهي ، أجساده مشوية بنارٍ مخيفة ، والنساء تحترقُ رؤوسهن كتعاويذ السحرة .
لكنني أجبنُ عن اشعال الفتيل . أسمع كأن أمي تناديني وأنا طفل ، تدعوني إلى المائدة ، تركضُ في الظهيرة إليّ ، وعباءتها تشتعلُ بالشمس .
يدي تهتزُ ، وأمشي حانقاً من خوفي ، أنفجرُ ، لا بد أن أزيح هذه المرأة من عالمي !
صفيحة الكيروسين تمتلئ بالحياة والنار في دكان خمور . زجاجاته تقرقعُ وأخشابه تنفجر قاذفة عفاريت وصيحات مجنونة . وأنا أقف سعيداً مذهولاً ، وقبضة شرطي تقتحمُ فرحي فجأة !
ღდღ
خرجتُ من السجن النتن ، كومة من الحشرات وتنكات البول والضربات . كانت أمي هي التي ذهبت لأحد أصدقائها الضباط ليفرج عني . صرختُ ، لا أريد أن أخرج بسببها ! فقذفوني إلى الشارع .
لم تكن أختي في الغرفة . هربت ! رحتُ أدقُ رأسي في الجدار . السلسلة مكسورة ، والكتب ممزقة ، وكلمات بذيئة مكتوبة على الحيطان .
هناك أنا مسجى ، بركة من العرق ، والشعر الغزير ، والأصوات الغريبة التي تناديني، وأمي التي تزورني وتضع أطباقَ الأكل الذي لا أمسه وأسلمه للقطط . تقبلني، فأصيح:
- أخرجي من هنا !
أدخل المسجد . الشيخ العجوز ، كتلة الشحم والشخير ، توفي ، وجاء أبنه مكانه . شابٌ صلدٌ ، متفجرُ الروح ، صارخٌ ، ناريٌ على المنبر .
كانت عيناي تترقرقان بالدموع فرحاً وحباً .
جئتُ إليه:
- أنا تعبٌ يا سيدي . . أمي عاري الذي أحمله في كل مكان . .
أفضيتُ بكل شيء . قال:
- أتريدُ أن أعلمك واجبك ؟ لماذا أنت جبان رعديد هكذا ؟ كتلة من الخرق والذعر والقذارة ؟ الا تجد حجارة وحصى في كل مكان ؟ لعل أختك تواصل رحلة الأم الموحلة!
كلمات الشيخ قتلتني . لم أعد أنام الآن . صرختُ في نفسي: جبان ! اشتريتُ سكيناً حادة . نصلها يتوغلُ في الخشب . ذهبتُ إلى منزلها . سأغرزُ السكينَ بحدةٍ في بطنها . وأذا وجدتُ الأخرى هناك سوف ألاحقها وأطعنها أيضاً . لن أتركهما حيتين أبداً . انتهت حياتي ، سأودعُ كلَ شيء .
الشارعُ الضاجُ بالأضواء والألوان والفساتين لا يغريني . السماءُ الزرقاء العميقة تعبرُ فيها الطائرات كنقاطٍ من اللؤلؤ الزائف .
ها هو البيت أمامي . سافاجئهما وأطعنهما بلا خوف .
لكن البيت لم يعد لها . ثمة رجل آخر خدعها وسرقها وهجرها . أين هي الآن ؟ عليّ أن أفتش عنها في كلِ مكان .
مضت سنوات وأنا أتعثر بالأشياء . أقلقل براميل القمامة والقطط والأبواب . أفتشُ وجوهَ الفنادق والخمارات . سأعثرُ عليها ، أهتفُ: سأطعنها ! ولا أجد سوى أشباح رثة.
ღდღ
التفتُ بذعر . ها هي هناك ! غرفة حقيرة في بيتٍ شائه ، من هذه العجوز ، الحطام، الهيكل الخشبي ، ذات الشعر الثلج ، التي تمسكُ صحناً خائفاً . . ليست أمي ! تلك غزالة جميلة ، نفثة ضوءٍ وعطر ، من هذه ؟ أين السكين ؟ صدأت منذ سنين .
تطالعني أمي من تحت أهدابها المحترقة . أمسكُ يدها العود . أين ذهب الماءُ الرقراقُ والعشبُ الأخضر؟
يتقاربُ رأسانا المهزومان . تختفي في صدري ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ツ 4 – سهرة «قصص»، 1994. ❖ «القصص: السفر – سهرة – قبضة تراب – الطوفان – الأضواء – ليلة رأس السنة – خميس – هذا الجسد لك – هذا الجسد لي – أنا وأمي – الرمل والحجر».
